ذكرنا في الحلقة الماضية أن جريدة "اللواء" المصرية نشرت في عام 1903 نص رسالة مزعومة من الشيخ مبارك الصباح إلى الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود يطلب منه فيها القدوم إلى الكويت أو إرسال أحد أبنائه، وأن يكون مفوضاً منه للتوقيع على اتفاقية خلال وجود نائب ملك بريطانيا اللورد كرزون في الكويت.  

Ad

وتعليقي على ما ورد في نص الرسالة هو أن الكاتب فضح نفسه وكشف هويته، فهو لا شك شخصية كبيرة مهمة تستطيع أن تحصل على هذه المعلومات وتفاصيلها، أو شخصية محسوبة على هذه الشخصية، وإلا فلم يكن بإمكانه أن يعرف قصة الرسالة ومحتواها الكامل.

وبعد أن عرض كاتب الرسالة المعلومات التي يريد أن يكشفها للناس، وجّه خطابه إليهم، فقال "فانظروا يا كرام القراء، رحمكم الله، كيف يطلب مبارك الصباح سلامة الدين وحياة بلاد المسلمين بتسليمها للأجانب، ويمني نفسه باحتلال أرض عين حدودها بنفسه لنفسه... أهذا ضلال مبين أم جنون باليقين...". ويختم هذا الكاتب المجهول رسالته باستنجاد أصحاب الأقلام في الصحافة العربية والإسلامية آنذاك، فيقول: "النجدة... النجدة يا رجال الأقلام، والغوث الغوث يا أصحاب جرائد مصر والترك والشام. ساعدوا الدولة العلية بجولة صادقة في هذا المقدم، فقد بلغ السيل الزبى، واندفعت الدولة الإنكليزية الآن بدسائسها في البلاد العربية اندفاع الإفرنج أيام فتح الأندلس، ولا تحسبوني متحيزاً لأحد أمراء العرب، فلا والله العظيم إن هي إلا الغيرة أخرتني عن السفر وحركتني، وأين المفر؟ إليكم أكتب والدمع يسكب قائلاً واعبدالحميداه، كما قالت الأعرابية وامعتصماه...".

أما الشيخ مبارك فكان متابعاً لكل ذلك وتصل إليه الأخبار والقصاصات الصحافية من عيونه المنتشرة في أماكن عديدة، وعندما علم بما كتبته جريدة "اللواء" المصرية، قام من فوره بكتابة كتاب للمعتمد البريطاني في الكويت يفيده بالتفاصيل، ويوجه أصابع الاتهام إلى شخص محسوب على يوسف الإبراهيم وعبدالعزيز بن رشيد، وهما العدوان اللدودان له منذ توليه الحكم عام 1896. وقد حصلت على نسخة من الرسالة التي أرسلها مبارك إلى المعتمد البريطاني، وفيها يقول:

"من مبارك الصباح حاكم الكويت إلى ذي الشوكة والإجلال كرنل كنبال باليوز وقونسل جنرال الدولة البهية الإنكليزية في خليج فارس دام بقاه،،،

بعد سؤالنا عن شريف خاطركم العاطر، وثانياً ان المفسدين من أتباع ابن رشيد واتباع الشقي يوسف الإبراهيم هذا لهم مدة من ان شرف لطرفنا وايس روي الهند المعظم وهو قاعدين يعملون مقالات ويرسلوها إلى أرباب الجرايد، وهذه المقالات كلها عبارات ليست مرضية ومخالفة للحق، وقمن عرض مقالاتهم وأغلبها ما هو يطبع في جريدة اللواء في مصر، وقاعدين يحثون دولة الترك على الحركات، وإن كان في ظل الله وظلكم ليس لذلك من مقالات عندنا من أهمية، لكن كون أننا لازمين السكون الذي... فهذه الحركات منهم نعرضها لصوبكم العالي، وهذه الجريدة المذكورة فيها العبارات المخالفة مع الكتاب الوارد لنا معها لفا. ودمتم سالمين محروسين. 1 ذي الحج 1321هـ  (18 /2/ 1904م)".