اللاتينو والمعونات وساندي... جددوا لأوباما

نشر في 11-11-2012
آخر تحديث 11-11-2012 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة التجديد للرئيس باراك أوباما لفترة رئاسية جديدة كان أمراً متوقعاً بسبب عدة عوامل مؤثرة، أهمها عدم قدرة الحزب الجمهوري على تجديد دمائه ومكونات خطابه وبرنامجه الانتخابي، بالإضافة إلى فشله في تقديم وجه حيوي يمكن أن يلقى قبول كل فئات وقطاعات الناخبين الأميركيين شديدة التعقيد والتشعب بخلاف حاكم ماساشوتس السابق ميت رومني الذي التصقت به أوصاف اليميني الذي يحاول تصوير نفسه بالوسطي المحافظ، وكذلك ملاحقة حملة أوباما له بدمغة المليونير غير المعني بالأغلبية العادية، التي تعاني الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ خريف عام 2008.

حملة أوباما نجحت في جعل المرشح الرئاسي الجمهوري المنافس رومني في موقع دفاعي دائم، وإعلاناتها السلبية تجاه رومني كانت مؤثرة خاصة الفيديو المسرب للقاء رومني مع بعض الفعاليات الاقتصادية الذي أعرب فيه عن دعم بعض قرارات نقل عدد من الأعمال إلى خارج الولايات المتحدة الى الصين ودول أخرى بما يعني خسارة مزيد من الوظائف للأميركيين، بالإضافة إلى الموقف الفادح الخسارة لرومني بدعمه ترحيل المهاجرين الذين يفشلون في تعديل أوضاعهم القانونية، فخسر تلقائيا أصوات المهاجرين "اللاتينو" الفارقة في انتخابات الرئاسة وصوتوا بنسبة 71 في المئة لمصلحة أوباما فضاعت الولايات المهمة المتأرجحة مثل فلوريدا وكولورادو وغيرهما.

خسارة الجمهوريين لبلوك اللاتينو حسم الأمر ضد رومني رغم الدروس السابقة للجمهوريين بأن نجاح جورج بوش الابن كان مرهوناً بصلة شقيقه جيب بوش بالمهاجرين من كوبا وأميركا الجنوبية ونجاحه في استمالتهم للتصويت لمصلحة الجمهوريين عام 2000، بالإضافة الى جهل رومني بحقيقة مهمة كما يذكر محللون هنا بأن 50 في المئة من العائلات الأميركية تعيش حالياً على المعونات الحكومية التي يريد أن يقلصها، بينما يؤكد أوباما في المقابل ضرورة بقائها ودعمها، وهو الفارق الذي دفع الأميركيين الذين مازالوا يكابدون صعوبات الأزمات المالية المتلاحقة إلى تحميل رجال "وول ستريت" ورجال الأعمال الذين يعتبر رومني أحدهم مسؤوليتها، وهو ما كان سبب رواج حركة "احتلوا وول ستريت" التي تم قمعها بشدة، ولكن آثارها كانت واضحة على نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة.

في المقابل فإن لرومني وجهات نظر معتبرة تجاه معالجات الرئيس أوباما الاقتصادية أهمها الإعفاءات الضريبية الضخمة لشركات النفط وصناعة السيارات جرياً وراء وهم الطاقة البديلة الذي لم يثبت نجاعته حتى الآن بالإضافة إلى السلبيات الكبيرة في نظام أوباما الصحي الجديد الذي رفع كلفة التأمين الصحي إلى الضعف تقريباً على بعض الأسر وزاد أرباح شركات التأمين بشكل لافت، ولكن كل هذه النقاط لم يتم تقديمها بشكل جيد ومبسط للناخب الأميركي الساخط على رجال الأعمال الذين يمثلهم رومني.

وتبقى السقطة الكبرى للمرشح رومني هي اختفاءه تماما لمدة 5 أيام خلال إعصار ساندي المدمر، بينما كان الرئيس أوباما في غرفة العمليات أو في الميدان في ولاية نيوجيرسي مع الأميركيين المنكوبين مما رفع أسهمه بشكل كبير، بالإضافة إلى المشهد المؤثر لأوباما ليلة الانتخابات في مدينة دي موين عاصمة ولاية أيوا عندما بدأ خطابه بعيون دامعة تأثراً بذكريات المكان قبل نجاحه عام 2008 وهو المشهد الذي اعتبره أنصار رومني مشهداً مسرحياً أثر في قطاع واسع من الناخبين من كبار السن والنساء، بينما جادل أنصار أوباما بأن الحدث كان وليد اللحظة وغير مفتعل.

***

هناك مؤشرات مهمة يرصدها المتابعون للشأن السياسي الأميركي وهي تراجع تأثير اللوبي اليهودي على العملية الانتخابية الأميركية، وانخفاض عملية الوعود والتملق للوبي الصهيوني (ايباك) التي كانت تقدم له من المرشحين الديمقراطي والجمهوري في المناسبات الانتخابية السابقة مقابل تصاعد كبير لتأثير الأميركيين المهاجرين من أصول لاتينية والحركات الليبرالية المنفلتة من الهيمنة اليهودية السياسية.

back to top