في بداية الأمر، أؤكد أن يوم الأحد الماضي، يوم المسيرة، كان من أصعب اللحظات التي عايشتها في تاريخ الكويت السياسي، إن لم تكن هي الأصعب، كما أعترف أن هذه الأسطر لن تتمكن من إيصال كل ما يجول في عقلي من أفكار، فالحدث أكبر من أن يحتويه مقال!

Ad

إن تسارع الأحداث قبل يوم المسيرة والاصطفافات التي سبقتها ساهمت في تقديم العاطفة على العقل الذي كان مغيبا للأسف لدى الكثيرين، وما زال! إذ إن وجود أعضاء مجلس 2012 المبطل كواجهات سياسية لهذا الحدث، شئنا أم أبينا، سبّب ردود أفعال سلبية وأدى إلى تحفظ الكثيرين وتخوفهم من المشاركة، وإن كانوا يتفقون على المضمون المتمثل برفض مرسوم تعديل آلية التصويت، وأنا أحدهم.

وقبل تجاوز هذه النقطة، علينا تثبيت حقيقة أن المادة (71) من الدستور أعطت أمير البلاد الحق خلال فترة غياب مجلس الأمة باتخاذ التدابير المناسبة في الأمور الضرورية التي لا تحتمل التأخير بهيئة (مراسيم) لها قوة القانون يتم عرضها على مجلس الأمة للتصويت عند أول جلسة، كما منحت هذه المادة الأمير حق تشخيص مدى الضرورة، إلا أن المشرع في المقابل حذر صراحة من خطورة تأثير السلطة في نتائج انتخابات مجلس الأمة في أكثر من موقع، وهنا مكمن الخلاف "الدستوري" تحديدا.

نعم، لقد حال وجود تلك "الواجهات السياسية" التي مارست الإقصاء والطائفية والانتقائية في مجلس 2012 دون قبول شريحة كبيرة من المجتمع أن تسير في ركب مسيرة ستساهم شئنا أم أبينا في تلميع تلك الواجهات وخدمة أجنداتهم، خصوصا أن تصريحات وخطب وشعارات بعضهم داخل المجلس وخارجه لم تكن مطمئنة بتاتا، أو أن تفاصيلها على أقل التقديرات، لا تساعد على تقديم حسن النوايا!

فعلى الرغم من ثقتي وقناعتي بصدق نوايا معظم شباب الحراك السياسي الذي نظم تلك المسيرة حبا لوطنه، إلا أني مقتنع كذلك من أن أصحاب الفكر الظلامي، كالعادة، سيعملون على تجيير عرق ومجهود الشباب الوطني لخدمة مصالحهم.

إن كل النقاط التي تناولتها تصب في خانة الرأي السياسي والدستوري وتحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب، ويمكن مناقشة تفاصيلها مع أي طرف شريطة توافر بيئة صحية للحوار يكون الهدف منها تطوير المسير الديمقراطي وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية.

إلا أن الأمر المؤلم جدا، هو حالة التشكيك والتخوين و"التشفي" التي مارسها البعض تجاه إخوتهم أو "شركائهم في الوطن" على أقل تقدير! فالقارئ للتاريخ السياسي الكويتي يلاحظ أن كل شرائح المجتمع "دون استثناء" خرجت في فترة زمنية معينة، عندما اقتربت النار إلى ثوبها، للتعبير عن رأيها في تجمعات "لم تكن مرخصة" أحيانا ومرفوضة من قبل السلطة أحيانا أخرى، إلا أن تلك الشرائح واجهت هراوات قوات الأمن والاعتقالات في سبيل التعبير عن الرأي. فكيف نعطي لأنفسنا حق التعبير في الأمس ونمنعه عن الغير اليوم!؟ وكيف نحتكر صكوك الوطنية والولاء والانتماء ونوزعها فقط على من نهوى؟!

فلا تكن اليوم من الشامتين

فقد تصبح بالغد القريب من المبتلين!

خربشة:

العنف لم يكن في يوم من الأيام مخرجاً للأزمات... تعقلوا!!