تقول الحكاية التاريخية إن رجال الفكر الهندي أرسلوا للخليفة المسلم برسالة يدعونه فيها بأن يرسل لهم علماء الاسلام لمناقشتهم في الفكر الاسلامي. فان اقنعوهم بحججهم دخلوا الاسلام دون الحاجة الى لغة السيف والقتال. فوافق الخليفة وأرسل مجموعة من وعاظ البلاط لمناظرة الهنود فكرا بفكر وحجة بحجة. الا أن وعاظه عادوا اليه بحيرة كبيرة. وحين سألهم عن سبب تلك الحيرة قالوا لقد حدثونا عن فلسفة وغيبيات لم نفهمها ولم نجد ردا عليها. فالتفت الخليفة الى أعوانه وقال: أليس لدينا من يعرف هذه الفلسفة والغيبيات ويرد عليها. فرد أعوانه: بلى لدينا. فسأل الخليفة: وأين هم؟ قالوا: لقد وضعتهم في السجن يا مولاي!
كنا طلبة لمقرر الديانات ، اليهودية والمسيحية والاسلام، في جامعة كارلتون وكانت تدرسنا المادة أستاذة ملحدة لا تؤمن بأي من الديانات التى تدرّسها. وكانت موسوعة متنقلة في اليهودية والمسيحية والاسلام تاريخا وتشريعا. وفي نهاية المقرر سألها أحد الطلبة: لو كان لك أن تؤمنى باحدى هذه الديانات الثلاث فبأي ديانة تؤمنين؟ قالت دون تردد: الاسلام طبعا! ورد الطالب بسرعة: أبعد كل هذا التاريخ من الدماء؟ قالت: لو عرفت البشرية المعنى الحقيقي للفكر الاسلامي لوصلنا الى مايشبه المدينة الفاضلة. عليك أن تفرق بين الاسلام والمسلمين.ما يريده رجالات التخلف الديني هو الاسلام الذي حددوا مقاساته حسب رغباتهم الحالية، الاسلام المناقض للنهضة العلمية والفلسفية وحقوق الانسان وحق الطفل والمرأة، الاسلام المعارض للمستجدات العلمية والحداثية. ما يريدة المتشدد الديني هو أن يختصر الاسلام في مذهبه الضيق ليكون مناهضا للمذاهب الأخرى، مكفرا لكل طريق وطريقة لا تنتهي الى ايمانه الخاص. فالذي لا يستطيع أن يقبل ويتقبل اختلافات الآخرين ضمن الدين الواحد كيف سيتقبل الآخر المخالف له دينا. والذي يرى بأن الدولة المدنية أمر محدث وضلالة كبيرة كيف سيتعايش مع ابن وطنه العربي اليهودي أو المسيحي؟لم يطرح الأخوة في مؤتمر النهضة الشبابي أمرا مارقا أو خارجا عن الفكر الاسلامي وجاءت ردة فعل المتشددين بالمنع واستخدام نفوذهم البرلماني لتحريض الداخلية لوقف المؤتمر. كان بامكان هؤلاء المختلفين فكريا أن يشاركوا ويعترضوا ويطرحوا وجهات نظرهم. ان لم يكن ايمانا بحرية التعبير المكفولة لهم وللآخرين والتى كفلها الدستور الذين منحهم هذه الحظوة واستمدوا منه السلطة وكان ، أي الدستور، الضحية الأولى لهم فليكن من باب رد الحجة بالحجة واثراء الاختلاف.من الواضح أن المتشددين في الدعوة يتبارون في محاربة الآخر والغائه لا الالتقاء والتعايش معه ابتداء من الدعوة لتغيير مواد الدستور لتتفق وتوجهاتهم الفكرية الضيقة وليس انتهاء بالدعوة لهدم الكنائس بل لالغاء أي ممارسة فكرية أو عقائدية يرون أنها لا تتفق مع أطروحاتهم. هؤلاء هم المسلمون الذين قصدتهم استاذة الديانات وهؤلاء هم وعاظ الحيرة أصحاب الخليفة.للمرة الثانية تتدخل وزارة الداخلية لتمنع مؤتمرا فكريا بعد اغلاق معرض شروق أمين دون اللجوء الى القضاء، وبعد موافقتها حسب بيان الأخوة القائمين على المؤتمر. ولا أرى مبررا لردة الفعل السريعة تجاه أي احتجاج من أعداء الحرية لمجرد غضبة الأخوة المتشددين وهي غضبة لن تنتهي حتى نتحول الى دولة طالبان الثانية.• شكرا نادي حافظشكرا للشاعر والزميل الجميل نادي حافظ هذا الجهد الجبار في الاحتفالية الرائعة بيوم الشعر العالمي والتى دون شك أحرجت المؤسسة التقليدية بالمقدرة على التنظيم والاستعداد. شكرا لكل الذين ساهموا مخلصين للشعر وللشعر فقط.
توابل
ضد الظلام
25-03-2012