كل يوم، ومع توالي الأحداث يتعزز لدي الخوف بأن الكويت تتحول إلى ساحة لتفريغ شحنات المواجهات والاختناقات الإقليمية والدولية، وهو الدور الذي لعبه من قبلنا لبنان ومازال منذ منتصف القرن الماضي تقريباً، واستغل ديمقراطيته وانفتاحه في لعبة الأمم الخطرة، ودفع ثمناً باهظاً نتيجة لذلك، فالمواجهات الإقليمية، وبصراحة التوتر الشيعي – السني يأخذ على الأرض الكويتية منحى تصاعدياً خطيراً، لم يعد يؤمن جانبه، فالوضع حرج، وحرق علم هنا، وسب مقدسات دينية هناك هما قمة جبل الجليد فقط، وما هو منتشر بين العامة من خطاب طائفي أعمق من ذلك بكثير.

Ad

الكويت في خطر، ونحن في خط التماس للمواجهة الطائفية الممتد من سواحل عُمان حتى البصرة، والذي يضم ملايين من السنة والشيعة، وأنا لا أتحدث هنا عن هجوم خارجي، بل عن فتنة تقع بين الشيعة والسنة من سكان المنطقة أنفسهم ستكون أكثر تدميراً وهلاكاً من هجوم خارجي، ومن ينتظر من العوام والجهلة والمتشددين حرباً جهادية لينتصر مذهبه فهو واهم، فالحروب الجهادية العقائدية قد انتهت، وحروب العصر الحالي هي حروب الأوطان والأمم للدفاع عن مصالحها بما تتكون منه من جميع معتقدات ومكونات الفكر الإنساني، ومن يخض معارك على أسس أخرى فهو خاسر لا محالة، وما سيحدث لو وقعت تلك الفتنة هو مذابح شنيعة، لا قدر الله.

المهم أننا في الكويت معنيون بأمن واستقرار الخليج، ولكننا لسنا معنيين قطعاً بمواجهات طائفية، فنحن نتعايش منذ ثلاثة قرون جنباً إلى جنب، ومسجد النومان يرفع أذانه مع مسجد المزيدي والصحاف منذ أكثر من قرن ونصف في قلب العاصمة الكويتية، لذلك فإن توتراً بين قطبي المنطقة؛ المملكة السعودية والجمهورية الإيرانية، لا يستوجب أن تنخرط فيه الكويت الصغيرة، ويشعل بعض النواب ساحتها بالتناحر بين مكونات شعبنا، بل المطلوب منا أن نكون أكثر تحصيناً ضد احتمالات الفتنة والمواجهات في خط التماس في المنطقة، حتى وإن كنا ملتزمين باستحقاقات دول مجلس التعاون الخليجي لو تم الاعتداء على دول المنطقة ووطننا ومقدرات عيشنا، ولكن دون ذلك فعلى الجميع أن يتوقف عن استعمال ديمقراطية وانفتاح الكويت لتحويلها إلى ساحة تنفيس للصراعات، وعلى الكويتيين أن يعوا دروس الآخرين، ويوقنوا أن الكويت ستسقط وتنتهي إلى الأبد إذا تحولت يوماً إلى إمارة طالبانية أو تابعة تتلقى أوامر ولي الفقيه.

***

من المفترض أن يناقش مجلس الأمة اليوم في جلسة خاصة إقرار قانون جديد للمناقصات الحكومية، وهو أمر تأخر سنوات طويلة وتسبب في ضياع مشاريع كبرى وتأخيرها أو إنجازها بتكلفة أكبر ووقت أطول ومواصفات غير مطابقة للتطور العالمي، فمنذ سنوات طويلة وكبار المسؤولين يرجعون تأخر إنجاز المشاريع الكبرى من مستشفيات ومدارس وتطوير المطار إلى عوائق قانون المناقصات وطول الدورة المستندية، ولذلك فإن إنجاز مجلس الأمة 2012 لقانون عصري ومتطور للمناقصات المركزية اليوم بمداولتيه الأولى والثانية، سيفتح الباب أمام الشركات العالمية ويكسر احتكار المقاولين المصنفين وأتباع بعضهم من الباطن، وسيمثل مفتاحاً لانطلاق التنمية في الكويت إذا أحسن النواب صياغة مواده وتبسيط إجراءاته وغلق ثغرات التلاعب ونهب مناقصات الدولة في قانون المناقصات الجديد.