اعتاد عرب الجزيرة تسمية أيامهم بأحداثها. اليوم أو التاريخ تحدده الحادثة التي وقعت فيه، فهذا يوم لإحدى المعارك التي أطاح فيها فرسان القبيلة بالأعداء، واليوم الآخر عندما "ساق" أحدهم حلاله ليدفع ديناً عن أبناء عمومته، والثالث عندما توافقت قبيلتان على عهد وصلح دام من ذلك الوقت حتى اليوم... وفيه يوم تنازل أهل ضحية لقاتله شهامة ومروءة و"مرجلة"... وهكذا.

Ad

واليوم مازال أبناء أولئك الرجال الأفذاذ يذكرون أيام أسلافهم ويفخرون بها ويعلمونها أبناءهم، والعجيب أن القصص عادة ما تكون دقيقة جداً ويرويها الجميع بنفس السياق وتتابع الأحداث، والأغرب والأجمل طبعاً أن أبطال هذه الأيام معروفة أسماؤهم ولا يختلف عليهم أحد.

هؤلاء الرجال والنساء أخذوا أماكنهم في تاريخ الجزيرة وتقلدوا الجميل وتدرعوا المعروف وكانوا أئمة في تاريخ الشرف. ونسجت مآثرهم في نسيج هذه الأرض، ولا تكاد تخطئهم عينك عندما تتصفح أوراق الزمان.

جزء من أبناء هؤلاء الرواد أقسموا ألا يفوتهم آباؤهم في الفضل، وتنادوا إلى صلب المواقف وجزل التضحيات، ومواجهة المستقبل الذي لا يكادون يرون جزءاً منه، وهنا تكمن "الأصالة". اتفق الرجال ومعهم الحرائر على مقاطعة انتخابات يرون أنها عبثية وتخلوا عن "مكاسب" أُلقيت بين أيديهم، وضحّوا بمصالح قد تأتيهم طائعة دون عناء.

اليوم يقاطع الأحرار بقناعة ويتركون مقرات الانتخابات لغيرهم ويلقون بنتائجها في وجوههم. ويعلمون أن التاريخ لن يذكر قائمة بأسماء أشخاص، ولكن سيأتي جيل يترحم على من حفظ كرامة قبيلتهم "الكويت" وحافظ على وجودها، ولا عزاء "للأتباع"، ولمن باع واشترى في سوق الباطل والأمجاد المزيفة والانتصارات الوهمية.