حول الإصلاح السياسي والتعديلات الدستورية
حان الوقت لتجديد نظامنا الديمقراطي وأولى الخطوات في هذا الاتجاه، التي لا تحتاج إلى تعديلات دستورية قد يتطلب إنجازها والتوافق حولها بعض الوقت والجهد، هي إقرار حزمة قوانين متكاملة مثل قانون إشهار التنظيمات السياسية على أسس مدنية ووطنية فقط، وإصلاح قانون الانتخاب.
بدلاً من إضاعة الوقت في لجة تفاصيل ما يجري داخل مجلس الأمة الذي هو في النهاية نتاج تراكمات سلبية كثيرة مضى عليها عدة عقود أنتجت في نهاية المطاف ما نراه الآن داخل مجلس الأمة. وبدلاً من الانشغال في الحديث عن مظاهر الأزمة السياسية وأعراضها التي أضحت لا تعد ولا تحصى فإنه من الأجدى أن تكون القضية الرئيسية التي تشغل بال كل من يهمه مستقبل وطننا هي حزمة الإصلاحات السياسية والديمقراطية التي نحتاجها لتجديد نظامنا الديمقراطي من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي أرهقت الجميع وأضاعت علينا الكثير من الفرص التنموية، بل إن استمرارها سيكون له نتائج سلبية على وطننا، خصوصاً أن العالم يمر بأزمة اقتصادية رأسمالية طاحنة والوضع الإقليمي يشهد تغييرات جذرية غير مسبوقة لها تداعيات كثيرة على مجمل البلدان العربية بدرجات متفاوتة.لقد حان الوقت لتجديد نظامنا الديمقراطي وأولى الخطوات في هذا الاتجاه، التي لا تحتاج إلى تعديلات دستورية قد يتطلب إنجازها والتوافق حولها بعض الوقت والجهد، هي إقرار حزمة قوانين متكاملة مثل قانون إشهار التنظيمات السياسية (ممكن أن تسمى هيئات أو جمعيات أو أحزاب)، على أسس مدنية ووطنية فقط، وإصلاح قانون الانتخاب (دائرة واحدة والانتخاب بنظامي القوائم النسبية والمفردة وخفض سن الناخب إلى 18 عاماً)، وإنشاء هيئة (مفوضية) مستقلة للانتخابات، وهيئة أخرى للنزاهة، وإقرار قوانين مكافحة الفساد (من أين لك هذا؟ وعدم تعارض المصالح وحماية المبلغ)، وقوانين استقلال القضاء ومخاصمته وتعديل قانون المحكمة الدستورية بحيث يسمح للأفراد باللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية، وغير ذلك من القوانين والتشريعات العامة التي تعزز نظامنا الديمقراطي ومكتسباتنا الدستورية.بعد ذلك ولكي تكتمل حزمة الإصلاحات السياسية والديمقراطية، فإنه من الطبيعي تنقيح أو حتى تعديل بعض المواد الدستورية التي يكون عليها توافق وطني عام بشرط الالتزام بما يقرره الدستور مادة (175)، أي للمزيد من ضمانات الحرية والمساواة.وفي هذا السياق، فإن مقترح التعديلات الدستورية الذي تقدم به أخيراً النائب فيصل اليحيى يعتبر أساساً جيداً لإدارة حوار وطني شامل يشارك فيه الجميع ويمهد الطريق لتوافق وطني عام حول التعديلات الدستورية المطلوبة والمستحقة لتجديد نظامنا الديمقراطي وتطويره، لأنه من المستحيل أن نتطور أو نتقدم خطوة واحدة للأمام ونحن لا نزال نعمل بالآليات والأساليب ذاتها المعمول بها قبل نصف قرن!