اندفع الشباب العام الماضي بقوة لوضع حد للفساد التشريعي والحكومي معاً، أما النواب فاندفعوا بحذر بسبب تورط البعض في كارثة «الإيداعات المليونية» بشكل مباشر، والتي فضحت البعض وأضافت مصطلح «قبيضة» إلى القاموس السياسي والإعلامي الكويتي! فما الذي عرقل المرحلة التنفيذية لتطبيق قوانين مكافحة الفساد؟!

Ad

مفهوم الفساد كغيره من المفاهيم يتجدد طبقاً للبحث و«الموضة» الإعلامية... ولم يكتف بالانضمام إلى أدبيات الاقتصاد والسياسة فحسب، بل كان من العوامل المهمة التي أشعلت جذوة «الربيع العربي» وأطلقت التظاهرات الشبابية المطالبة بالتغيير.

مفهوم الفساد حسب التقارير الدولية: «وعد الموظف العام بالحصول على ميزة بطرق غير مستحقة، أو عرضها عليه، أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لمصلحته أو لمصلحة شخص آخر أو مؤسسة أخرى لكي يقوم الموظف بفعل ما، أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية».

أما علاقته بالتظاهرات الشبابية فخير مثال هو أحداث العام الماضي... حيث كان موضوع «الإيداعات المليونية» محركا للخروج إلى ساحة الإرادة من جانب الجموع الشبابية، والبرلمانية معاً.

فقد اندفع الشباب بقوة لوضع حد للفساد التشريعي والحكومي معاً، أما النواب فاندفعوا بحذر بسبب تورط البعض في كارثة «الإيداعات المليونية» بشكل مباشر، والتي فضحت البعض وأضافت مصطلح «قبيضة» إلى القاموس السياسي والإعلامي الكويتي!

فما الذي عرقل المرحلة التنفيذية لتطبيق قوانين مكافحة الفساد؟

وهل اكتفى تجمع الإراده بتغيير الحكومة ورئيسها وحل البرلمان؟

وهل تم استخدام شعار مكافحة الفساد فعلاً لتسويق الحملات الانتخابية كما يعتقد البعض؟ أم أخفقنا في مكافحة الفساد؟

دعونا نسترجع الشعارات التي أطلقها الناشطون والنواب من ساحة الإرادة في عام 2011:

• 2- 9- 2011 المكان: ساحة الإرادة... المناسبة: «أربعاء إسقاط الراشي والمرتشي»:

انطلقت الخطابات والكلمات المنددة بالرِشا والمطالبة بإدانة الراشي أو الجهة المسؤولة عن الإيداعات بمشاركة نيابية وشعبية جددت الدعوة لرحيل رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، ونادت الشعارات بإسقاط الحكومة، وحل المجلس، وإجراء انتخابات مبكرة بالإضافة إلى محاسبة الراشي والمرتشي.

واتفق أغلب النواب المعارضين سابقاً وممثلي الكتلة الغالبة حالياً على وضع النواب الخمسين في دائرة الاتهام داعين البنوك إلى التحقق من حسابات الوزراء والوكلاء والمديرين.

ورأى آخرون كفيصل مسلم، أن القضية «المليونية» أساءت إلى سمعة البلد بدءاً من السلطة التشريعية، ومروراً بالسلطة التنفيذية، وأضرت بالمصارف (استجوابه الماضي بخصوص ديوان رئيس الوزراء والحالي الإيداعات المليونية).

أما ضيف الله بورمية فقد اتهم أعضاء مجلس الأمة باستلام الأموال من الحكومة لتمرير وسرقة المناقصات والأموال العامة.

وكيف يمكننا أن ننسى النائب القبيض الذي أفصح عن مصدر الأموال بقوله: إنها كانت بـ»كبت أمه»، وهو المصطلح الذي حاز أكبر عدد من «الريتويت»، أي إعادة التغريد عبر «تويتر»!

ومن المحامين أذكر الناشطة الحميدان أيضاً التي صرحت بأن الرشوة جريمة بحق القانون والدستور، وبحق الكويت التي أصبحت في المرتبة (54) في سلم مؤشر الفساد العالمي.

وأضافت أنها تقدمت ببلاغ بتاريخ 24 أغسطس إلى النائب العام، ولم يتم حتى تاريخ التجمع استدعاء المدعى عليهم، وشبه النائب السابق حسن جوهر التجمع في «ساحة الإرادة» لإسقاط الراشي والمرتشي كالتجمع لإقرار الدوائر الخمس «نبيها خمس» لتغيير الدوائر الانتخابية.

واليوم نجد أنفسنا في المربع الأول... أمام لجان برلمانية تتخذ من الاتهامات والتصريحات شعارات إعلامية، وتفتقر إلى المسار التشريعي لسن قوانين تمنع الفساد، وتمتنع عن استغلال وجود أغلبية طالبت في الماضي بإقصاء حكومة وحل برلمان لإقرار قوانين الفساد... فهل فشلنا في مكافحة الفساد؟