هل تفلس الكويت في عام 2020؟!
انتشرت في الآونة الأخيرة تقارير وأخبار تروج لاحتمال إفلاس دولة الكويت في عام 2020، وعدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها في تلك السنة تحديداً، وهو كلام خطير جداً لا يمكن لأي مواطن أن يتجاوزه، فما بالنا بالمسؤول في الحكومة أو مجلس الأمة أو أي جهة إعلامية رسمية مسؤولة عن إرشاد المواطن بالمعلومات الأساسية التي تخص حياته ومستقبله، كل هذه الجهات لم تهتم بهذا الخبر ولم تعلق عليه، ولم يتداع أحد من نواب الأمة لطلب مناقشة عامة لهذا الموضوع الخطير... بل إن عدم تحرك الحكومة بإجراءات جدية وفورية لو صحت هذه التقارير يعتبر خيانة وطنية عظمى وتفريطاً في مسؤولياتها الدستورية.وبعد التحري عن أصل الموضوع وجدت أن هناك أحد التقارير لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن مستقبل الكويت يشير إلى ذلك، وكذلك نقلت وسائل إعلامية مؤخراً عن موظف في البنك الدولي في معرض تعليق له على تنامي الإنفاق الحكومي الكويتي عن احتمال مواجهة الكويت صعوبات مالية في عام 2020، علماً أن هذا الموظف لا يمثل البنك الدولي رسمياً أو أصدر تقريراً علمياً موثقاً بهذا الشأن، ورغم ذلك فإن مجرد انتشار مثل هذه الأقاويل عن مالية دولة وملاءتها المالية في مدى زمني قصير نسبياً، يستوجب الرد السريع من الجهات الرسمية، والبحث والمناقشة من الجهات التشريعية والرقابية في الدولة، ووضع الحلول لها حتى لو بدأ التفكير الجدي بوضع نظام ضريبي متدرج، لكن كل ذلك لم يحدث بل إن هناك استخداماً إعلامياً لجهات مختلفة لديها رأي معين في طريقة الإدارة المالية للدولة لتلك التقارير.
فتلك الجهات تروج لكون الباب الأول من الميزانية العامة والخاص بالرواتب هو الأضخم والأكبر في ميزانية دولة الكويت، وهو كلام مضلل وغير صحيح حيث إن الباب الأول الخاص بالرواتب، وفقاً للحساب الختامي للسنة المالية 2010-2011، لا يتجاوز 21 في المئة من إجمالي الموازنة العامة فقط، بينما احتل الباب الخامس الصدارة بنصف الميزانية (50 في المئة)، وهو باب فيه الكثير من الأمور المبهمة التي قد يتضمن جزء بسيط منها رواتب في جهات معينة، وهو ما يوضح كم الاستخدام السياسي والمصلحي للأرقام في الكويت، وهو سلوك دائم يستخدم منذ زمن في العمل السياسي المحلي، ورغم كل هذا فإنني لست متخصصاً لأعطي أحكاماً نهائية في قضايا محاسبية، لكن عن طريق قراءة الأرقام يستطيع الباحث أن يتابع أي قضية مالية، ويستخلص منها مؤشرات موضوعية أولية.قضية إفلاس الكويت خلال سنوات قليلة، التي يروجها البعض، وتسكت أو تتغاضى الحكومة عنها لغايات معينة لديها، لعل مطالبات المواطنين المالية والخدماتية تخف عنها وتتوقف قليلاً، هي ممارسة خطيرة وغير مسؤولة، فانتشار قناعة لدى المواطنين بأن بلدهم سينهار ويفلس قريباً ستشيع لديهم سلوكيات مدمرة، وسيسعى العامة إلى تأمين أنفسهم وأسرهم بأي شكل ممكن، سواء قانونياً أو خلافه، وستتلاشى حمية الحفاظ على الوطن ومشروع الدولة لدى أبنائنا، وستكون لذلك عواقب وخيمة وخطيرة على مستويي الأخلاقيات الفردية والعامة، ولذلك فإن تحرك الحكومة ومجلس الأمة لبحث هذه القضية والإجابة عن السؤال المنتشر في البلد حول إفلاس وانهيار الدولة مالياً في عام 2020 أصبح مسؤولية وطنية على كل نائب يجب أن يقوم بها، ويثير القضية في أول جلسة مقبلة لمجلس الأمة، وحتى تشكيل اللجان اللازمة لبحث هذا الأمر وإعلان نتائجه للعامة في أقرب وقت ممكن، وكذلك واجب على الحكومة أن توضح كل حقائقه للمواطنين والبرلمان، لتقوم بمهامها الوطنية... فهل تفعل؟!