هنالك بعض المعلومات التي تشير إلى تدني نسبة العمالة الوطنية في المؤسسات العامة التي تملكها الدولة بشكل كامل أو التي تملك فيها نسبا مؤثرة، والتي يبدو أن بعضها قد تحول مع مرور الزمن إلى «إمبراطوريات» خاصة ببعض المتنفذين إلى درجة أن التوظيف في هذه المؤسسات العامة، يقتصر فقط على فئة معينة من المواطنين.

Ad

مؤسف أن تفقد جلسة مجلس الأمة التي نوقش فيها موضوع المواطنين المسرحين من العمل في القطاع الخاص نصابها؛ لأن فقد نصاب الجلسة التي يترقب نتائجها آلاف الأسر يدل دلالة قاطعة على عدم اهتمام بعض الأعضاء بقضايا الشباب بشكل عام وقضية البطالة بشكل خاص.

فإن موضوع "المسرحين" ليس سوى جزء بسيط من مشكلة أعمق وآثارها أكثر مأساوية، وهي قضية البطالة التي يعانيها عشرات الألوف من الشباب (أكثر من 23 ألف عاطل عن العمل حسب الإحصاءات الرسيمة) والتي من المرجح جدا تفاقمها في المستقبل القريب، خصوصا أن الجهاز الحكومي المترهل يعاني تضخّماً وظيفياً وبطالة مقنعة، والقطاع الخاص على الطرف الآخر يعاني أزمة بنيوية عميقة ازدادت سوءا نتيجة لتداعيات الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية.

أما في ما يتعلق بما طرحته الحكومة أثناء الجلسة فإنه لا يعدو عن كونه كلاما إنشائيا مكرورا يدور في مجمله حول تمديد صرف بدل مالي للمسرحين من القطاع الخاص، وهو الأمر الذي سبق أن قررته حكومة سابقة (أغسطس 2009) بعد جلسة خاصة لمجلس الأمة، وكان يفترض أن يكون، حسب رؤية الحكومة والمجلس في ذلك الوقت، لمدة 6 أشهر فقط، أي مؤقتا كي تتمكن الحكومة خلال هذه المدة، أو هكذا يفترض، من رسم سياسة عامة جديدة تعالج مشكلة البطالة بشكل جذري وشامل بعد أن تبحث في أسبابها الرئيسة ولا تتوقف فقط عند الآثار المترتبة عليها مثل قضية "المسرحين".

وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما قاله وزير المالية من أن الحكومة، وهو هنا يقصد الحكومة السابقة وليس الحالية! قد تقدمت بمرسوم إحالة قانون التأمين ضد البطالة إلى المجلس في شهر يوينو 2011، وهو في رأينا قانون يحتاج إلى تعديلات جذرية لأنه يقتصر فقط على العاملين الذين أمضوا على الأقل ستة أشهر في القطاع الخاص، ولا يشمل العاملين الجدد أو المعطلين عن العمل والذين تتزايد أعدادهم يوما بعد آخر، فإن ذلك يؤكد لنا أن الحكومة لم تأت بشيء جديد على الإطلاق يبين أن لديها سياسة عامة واضحة لمعالجة مشكلة البطالة بشكل جذري، بل إن جل ما تملكه، حتى الآن على الأقل، هو عبارة عن بعض المسكّنات المؤقتة التي تضر، على المدى الطويل، أكثر مما تنفع.

أخيرا فما دمنا نتحدث عن قضية البطالة فإن هنالك بعض المعلومات التي تشير إلى تدني نسبة العمالة الوطنية في المؤسسات العامة التي تملكها الدولة بشكل كامل أو التي تملك فيها نسبا مؤثرة، والتي يبدو أن بعضها قد تحول مع مرور الزمن إلى "إمبراطوريات" خاصة ببعض المتنفذين إلى درجة أن التوظيف، كما يقال، في هذه المؤسسات العامة بشكل عام، وفي المناصب القيادية بشكل خاص، يقتصر فقط على فئة معينة من المواطنين، أي حسب الاسم الأخير في البطاقة المدنية، فهل هذا صحيح يا ترى؟!