لماذا وصل الحال في سورية إلى ما هو عليه اليوم؟
لم يعد خافياً على أحد أننا نمر بأزمة كبيرة، فالسلطة تواجه عيوبها بشكل مباشر وإذا نظرنا إلى الأمر من دون عصبية ومن دون إلقاء التبعات على الغير لوجدنا أننا مسؤولون جميعنا عما يجري بدءاً بالمواطن وانتهاءً بالدولة ومؤسساتها...ما أولى تلك المسؤوليات؟ تهميش رأي المجتمع من النواحي كافة، فوقعنا في مشكلة بمنتهى الأهمية وهي عدم الأخذ برأي الناس في أي قضية مهمة أو حساسة. أصبحنا من الدول الأكثر فساداً بدءاً من الراشي وصولاً إلى المرتشي. كان يُفترض أن تهتم الدولة بالفئة الأكبر في المجتمع التي لا تجد مأوى لها. أتحدث هنا عن الفارق الوحشي بين من يملك ومن لا يملك، وها نحن اليوم أمام استحقاق مصيري.ما الحلّ برأيك؟ الحل الوحيد هو الحوار وعلى الدولة أن تؤمن بضرورة الحوار لأن شعبنا يستحق أن يعيش بطريقة أرقى وأنبل، وأن ننصهر في بوتقة المواطنة. كل قطرة دم تسفك على أرض سورية هي إهانة للمجتمع السوري، فمنذ أقدم العصور قدمت سورية رؤية حضارية لا تخفى على أحد.بعيداً عن السياسة، يتردّد أن المخرجين يجدون صعوبة في اقناعك بأداء دور ما. كيف تردّ؟أعكس هذا السؤال، فالدور هو الذي ينادي الفنان ويقول له: «أنت الأنسب لتجسّد هذه الشخصية أو تلك». لا أنكر أنني أجد صعوبة في اختيار الأدوار التي تناسبني، لأن الدور بالنسبة إلي ليس مسألة شخصية يجسدها بسام كوسا إنما يعكس النص بأكمله ورؤية المخرج، فهو المايسترو أو الطبيب الذي يدير عملية جراحية، فإما ينجح الفريق وينجو المريض أو تغرق السفينة بأكملها.كيف هي علاقتك مع المخرجين؟أقسّمهم إلى قسمين: قسم لا أعمل معه لأسباب فنية بحتة ولعدم اقتناعي بأدواته وقدراته، وآخر أحرص على التعاون معه نظراً إلى تجاربه الناجحة في هذا المجال.ومع شركات الإنتاج؟ أصنّفها بين شركات تسعى إلى الربح المادي من دون الأخذ في الاعتبار قيمة العمل الفنية، وأخرى تضع نصب أعينها العمل الفني فحسب.ما الأسباب التي دفعتك إلى رفض المشاركة في «مداح القمر»؟مع أن المسلسل يتمحور حول سيرة الموسيقار بليغ حمدي الذاتية، لكن بصراحة لم أجد أن النص على جانب كبير من الجودة. تعكس السير الذاتية التي تقدمها الدراما المصرية صورة ملائكية عن تلك الشخصيات، فيما يجب أن تقدّم الشخصية بوجهيها السلبي والإيجابي، وأن تتوخى الحقيقة كما هي حتى لو كانت صادمة للجمهور. لذلك عندما قرأت النص المتعلق بالموسيقار بليغ حمدي وجدت أنه يندرج في سياق المثالية فرفضته، بالإضافة إلى أنني لا أتمتع بجمال الصوت وليست لدي ملكة العزف على آلة العود.لكن قدمت الدراما السورية بدورها السير الذاتية.صحيح وبعضها فشل، فعندما قُدم مسلسل حول سيرة نزار قباني، استُعين بممثل لا علاقة له بنزار من قريب أو من بعيد، ففشل المسلسل لأنه استخفّ بالعقول ولأن نزار قباني ما زال ملء السمع والبصر ويعيش في الوجدان.كيف تقيّم ظاهرة غزو الممثلين السوريين للدراما المصرية؟ خصوصاً أن عددهم يزداد عاماً بعد عام.إنها عملية عرض وطلب، لو وافق الممثل السوري على العمل في مصر، فمعنى ذلك أن الدور سيكون إضافة له. في ما يتعلق بي، إذا كنت سأؤدي دوراً في سورية هو نفسه في مصر فلماذا لا أقدمه في بلدي؟ خصوصاً أن الممثلين المصريين على دراية كبيرة بمجتمعهم، ويتناولون القضايا بطريقة أكثر قرباً إلى المجتمع المصري. أعتقد أن الدراما المصرية تتمتع باكتفاء ذاتي ولا حاجة لها إلى الفنانين السوريين. ما ردّك على مقولة إن ثمة حالة تفريغ للدراما السورية من مبدعيها؟بعض الأعمال في سورية غير جدير بأن يعرض عربياً، وبهدف تسويقه حولت الشركات المنتجة لتلك المسلسلات القضية إلى سياسية أو تبنت نظرية المؤامرة، وروجت أننا محاصرون من فضائيات عربية. هذه المقولة غير صحيحة على الإطلاق فالدول الخليجية ما زالت تشتري أعمالنا وثمة فصل بين السياسة والفن الذي هو العامل الوحيد الذي يجمع العرب.يقال إن بسام كوسا يذوب في الشخصية التي يقدمها، ما ردّك؟يتبع الممثلون العرب مدرسة التقمص في التمثيل، إلا أنني لا أؤمن بها على الإطلاق، لذا نحن في حالة انبهار مستمرّ بأدوار الممثلين الأجانب لأن مدرستهم مختلفة عن مدرسة التقمص. مهمتي نقل ملامح الشخصية التي أجسدها من الورق إلى الواقع.كونك شخصية عامة، هل تشعر بأن مسؤوليتك مضاعفة تجاه مجتمعك؟ لا أحب توصيف كلمة شخصية عامة ومؤثرة. يحب كثر تقديم أنفسهم بهذه الطريقة، ومن خلال هذا التوصيف يصورون أنفسهم بأنهم شهداء ومضحون لأجل مجتمعهم.كلمة شخصية عامة مطاطة. للأسف، اليوم كل من يظهر على صفحات الصحف والمجلات أو في أي برنامج تلفزيوني يُقال عنه شخصية عامة. بالنسبة إلي، أنا شخص لدي أهداف في الحياة وعلي أن أبذل جهودي لتحقيقها، خصوصاً إذا كنت مقتنعاً بها. متى تقرر الاعتزال؟عندما أشعر بأنني لم أعد أستطيع تقديم جديد للجمهور، وعندما أفتقد نظرة الشغف في العيون التي أراها بعد كل دور أؤديه.
توابل - مزاج
بسام كوسا: كلّنا مسؤولون عمّا يجري في سورية
08-10-2012