واصل الجنيه المصري انخفاضاته المستمرة مقابل الدولار، حيث تراجع سعر صرف الجنيه بما يوازي 10 في المئة خلال عامين، بينما يواصل احتياطي مصر من النقد الأجنبي تراجعه حتى وصل إلى ما يقرب من 15 مليار دولار بداية الشهر الجاري.

Ad

ووفقا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري فقد تراجع احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي فاقداً نحو 448 مليون دولار بنسبة 2.8 في المئة، ليصل إلى 15.3 مليار دولار في نهاية نوفمبر الماضي، مقابل 15.484 مليارا في نهاية أكتوبر الماضي.

وخسر الجنيه نحو 60 قرشا، تعادل 10.5 في المئة من قيمته أمام الدولار في عامين، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من نحو 5.60 جنيهات في نفس الفترة من العام قبل الماضي إلى نحو 6.19 جنيهات، وفقا لأسعار الصرف اليوم، بينما وصل سعره في السوق السوداء إلى ما يقرب من نحو 6.25 جنيهات.

وقال نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار محسن عادل، في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت"، إن الارتفاع الملحوظ في أسعار صرف الدولار أمام الجنيه المصري خلال الفترة الماضية يرجع إلى انخفاض حجم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي الذي صاحبته زيادة في الواردات نتيجة تراجع الإنتاج محليا، على خلفية الأحداث الأخيرة والركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد.

وضع مؤقت

واعتبر عادل أن الوضع الحالي بالنسبة لسوق الصرف يعتبر وضعا مؤقتا، حيث من المتوقع ارتفاع موارد الدولة من العملات الأجنبية وانتعاش الاحتياطي، من خلال الاتفاقات الاقتصادية التي بدأ تنفيذها خلال الأيام الماضية، ما قد يؤدي إلى عودة التراجع لسعر الدولار مقابل الجنيه.

ولفت إلى أن المساعدات التي تدفقت إلى مصر مؤخرا من السعودية وقطر، وأخرى من المتوقع أن تتدفق في الفترة المقبلة من البلدين، إضافة إلى قرض صندوق النقد وبعض الجهات الأخرى، من شأنها أن توفر مزيدا من الغطاء النقدي الأجنبي.

وأوضح أن "هناك خللا واضحا في ميزان مصر التجاري، مع التزايد المتواصل لحجم الواردات، مقابل تراجع ملحوظ في صادراتنا والالتزامات الخارجية للدولة، ما يمثل ضغوطا كبيرة على الجنيه، وهو ما حاولت الدولة معالجته من خلال طروحات أذون الخزانة باليورو والدولار، وجذب ودائع بالعملات الأجنبية من دول مثل السعودية وقطر وتركيا".

وذكر ان تراجع الجنيه قد تكون له إيجابيات تتمثل في خفض قيمة الدين الداخلي ورفع تنافسية الصادرات، إلا أن ذلك سيمثل في الوقت نفسه خطورة من ناحية زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار الواردات، في ظل خلل الميزان التجاري، إضافة إلى ضغوط على الاقتصاد المصري في مرحلة التعافي الحالية.

ضعف الرقابة على الأسواق

وقال عادل إن تدهور سعر الجنيه المصري له العديد من التداعيات السلبية على الاقتصاد، تتمثل في ارتفاعات أسعار السلع والمنتجات في السوق سواء المستوردة أو المحلية، خاصة في ظل ضعف الرقابة على الأسواق، كما سيكون له أثر سلبي على ميزان المدفوعات، وسيزيد تكاليف الاقتراض من الخارج عن معدلات الفائدة المعلنة، نظرا لفروق الأسعار.

وأضاف انه رغم ارتفاع سعر صرف الدولار لكن ربما يكون هذا الارتفاع مقبولا، لكن زيادته إلى معدلات أكبر قد تكون لها انعكاسات سلبية، وقد تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر في مصر، نظرا لانخفاض الدخول وارتفاع الأسعار المتوقع، والذي لن تصاحبه زيادة في الدخول، نظرا للعجز الذي تعانيه الموازنة العامة والركود الاقتصادي.

وذكر المحلل المالي صلاح حيدر أن استمرار الضغوط على الجنيه المصري أدت إلى تراجع قيمته، لافتا إلى خطورة ترك سعر صرف الجنيه لقوى العرض والطلب بشكل كامل، كبديل للدعم الجزئي من قبل البنك المركزي، ما قد يؤدي إلى مزيد من تراجعه، وهو ما يجب أن يحسب بدقة، حتى إن كان هذا شرطا من شروط حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 4.8 مليارات دولار.

وزاد حيدر ان التحرر النسبي للجنيه سيصب في مصلحة المنتج المصري، ويؤدي إلى طفرة كبيرة في نشاط الصناعة المحلية، مشيرا إلى أن استمرار تراجع سعر صرف الجنيه سيؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم، وهو ما قد يحدث بعض المشكلات للحكومة.

تداعيات سلبية

وأشار الخبير الاقتصادي محمود جبريل، في تصريحات لـ"العربية.نت"، إلى ان ارتفاع الدولار مقابل العملة المحلية سينعكس سلبا أيضا على أداء البورصة، نظرا للخسارة التي سيتعرض لها المستثمر الأجنبي الذي يريد تحويل محفظته الدولارية إلى الجنيه، ليقوم بشراء الأسهم المصرية، وعند خروجه يعيد تحويل محفظته بالجنيه إلى الدولار الذي قد يرتفع سعره ما يكبد المستثمرين خسائر كبيرة قد تدفعهم للإحجام عن الاستثمار في البورصة من الأساس.

وأضاف جبريل أن تدهور سعر الجنيه المصري سيكون له العديد من التداعيات السلبية على الاقتصاد، تتمثل في ارتفاعات غير محدودة في أسعار السلع والمنتجات في السوق، سواء المستوردة أو المحلية، خاصة في ظل ضعف الرقابة على الأسواق، كما سيكون له أثر سلبي على ميزان المدفوعات، وسيزيد تكاليف الاقتراض من الخارج عن معدلات الفائدة المعلنة، نظرا لفروق الأسعار.

وتابع ان ارتفاع سعر الدولار سيزيد معدلات الفقر في مصر، نظرا لانخفاض الدخول وارتفاع الأسعار المتوقع، الذي لن يصاحبه زيادة في المرتبات، نظرا للعجز الذي تعانيه الموازنة العامة.

وطالب بضرورة التوافق حول سعر الصرف بين الحكومة والبنك المركزي، خاصة ان البنك المركزي نجح على مدار السنوات الماضية، وحتى بعد قيام ثورة 25 يناير، في الحفاظ على سعر الصرف في حدود 6 جنيهات للدولار.

(العربية.نت)