مدرسة أحمد الزبن رحمه الله
لا يقتصر الإحساس باليتم على من فقد والديه فحسب، فبعض الناس يؤجج فقدانهم إحساساً باليتم لا يقل ألماً ولا حسرة.أحمد فيصل الزبن لم يكن لي صديقاً ولا صهراً فحسب، بل كان لوجوده في حياتي عمق أكبر بكثير من رابطة نسب وصداقة منذ عام 1985.
رثاه البعض بكونه رجلاً حكيماً ومخلصاً وأمينا صارماً في الحق وقوياً أمام المرض ومجتهداً ومحباً للجميع ومثالاً للتواضع. أما أنا فرأيته كمدرسة علمتني ما لم تعلمني الحياة، معه تعلمت كيف تحب الناس بصدق وكيف يكون الكرم وكيف تنفق في الخير حتى إن يمينك لا تدري بيسارك. تعلمت منه أن إرضاء الناس غاية يمكن أن يدركها الحكماء مثل أحمد الزبن من خلال معاملتهم وتواضعهم ونقائهم وصفاء سريرتهم. لست وحدي من سيفتقدك يا أبا سعود، فخلق محبيك تقف كمؤشر على طيبة خلقك وصفاء معدنك.وإن كان لي بعد عائلتك الكريمة النصيب الأكبر من حرقة فراقك، فرحلتي معك في هذه الحياة كانت حافلة بمحطات فرح وود ومشورة وتفاصيل أخرى كثيرة تجعلني أغوص عمقاً في حسرة فراقك، وأركان منزلي الصغير كلها تشهد على تلك العلاقة المميزة التي جعلت الحياة تهبني أخاً لم تلده أمي وصديقاً لا تجود الحياة بمثله أبداً، رفيقاً كان ملاذي ومخبأي حين تعكر الغيوم السوداء صفاء يومي.لن أرثيك يا أبا سعود، فالرثاء للأموات لكنك تبقى حياً في القلب كما في الذاكرة، وإن كنت قد افتقدتك جداً، لكن مدرستك لا تزال باقية في داخلي أتسلل إليها كلما عصفت بي سياط شوقي إليك وكلما احتجت إلى حكمة أو نصح أو كلما أرهقني الزمن أو ضللت طريق الحق والخلاص. ستبقى مدرستك يا أيها الصديق والأخ ملاذي الأول في هذه الحياة، وسيبقى الحزن سيد لقاءاتنا من بعدك، وستحن إليك الأماكن قبل القلوب وستبقى لصيقاً في الذاكرة، نتذكر صفاءك وندعو لك ونحزن لفراقك، متوجهين إلى الله أن يلهمنا وأسرتك الحبيبة الصبر والسلوان.ارقد آمناً حيث أنت، فالقلوب تلهث بحبك دائماً، رحمك الله يا أبا سعود.