احترام إرادة الأمة

نشر في 08-08-2012
آخر تحديث 08-08-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. بدر الديحاني إن الأطراف المتنفذة المتحمسة جدا للعبث بالنظام الانتخابي والتي تدفع الحكومة حاليا لعدم احترام إرادة الأمة لا تريد إلا المحافظة على نفوذها غير الدستوري وامتيازاتها غير المشروعة حتى لو أدى الأمر إلى توريط الحكومة، أو بالأحرى السلطة للعبث بالدوائر.

لنترك جانباً الكلام المفاجئ عن العدالة والمساواة في النظام الانتخابي، سواء الذي تسربه الحكومة أو الذي يردده من يؤيد العبث بالدوائر الانتخابية، فهو كما يقال كلام حق يراد به باطل، إذ إن هدف الطرفين واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وهو التحكم بنتائج الانتخابات البرلمانية بعد أن فوجئوا بنتائج الانتخابات الماضية، حيث فقدت الحكومة "أغلبيتها" المعتادة التي كانت تستطيع أن تحركها كيفما ووقتما تشاء.

لقد رفضت الحكومة منذ عام 2006 حتى المجلس الأخير المبطل بحكم المحكمة الدستورية مناقشة أي طلب تعديل على النظام الانتخابي، رغم وجود الكثير من مقترحات التعديل التي تقدم بها الأعضاء على جدول أعمال لجنة شؤون الداخلية والدفاع، فكيف نصدّق صحوتها المفاجئة وانتباهها لعدم دستورية النظام الانتخابي الحالي؟

ليس ذلك فحسب بل إن الحكومة قد تمسكت بنظام (25) دائرة السيئ الذي يعاني خللاً كبيراً من ناحيتي العدالة والمساواة، ورفضت في بداية الأمر مشروع الدوائر الخمس مما أدى إلى نشوب أزمة سياسية الجميع يعرف تفاصيلها، وما ترتب عليها من نتائج كان أحدها تراجع الحكومة وموافقتها على مشروع الدوائر الخمس.

لذلك فإن الناس تدرك أن الحجج التي تطرح للعبث بالدوائر الانتخابية ونظام التصويت هي حجج واهية لا يصدقها العقل، وبالذات حجة عدم العدالة والمساواة التي يجري تسويقها لتبرير طعن الحكومة بعدم دستورية الدوائر رغم أن الطعن في هذا الوقت يعني، من الناحية السياسية، شيئين لا ثالث لهما: الأول هو إدخال القضاء في صراعات سياسية يفترض ألا يتم توريطه فيها على اعتبار أنه سلطة محايدة، أما الشيء الثاني فهو تبرير مسبق لانفراد الحكومة مستقبلا بتعديل الدوائر الانتخابية ونظام التصويت.

من هذا المنطلق فإن الأطراف المتنفذة المتحمسة جدا للعبث بالنظام الانتخابي والتي تدفع الحكومة حاليا لعدم احترام إرادة الأمة لا تريد إلا المحافظة على نفوذها غير الدستوري وامتيازاتها غير المشروعة حتى لو أدى الأمر إلى توريط الحكومة، أو بالأحرى السلطة للعبث بالدوائر، وهو الأمر الذي سيحول الصراع السياسي الدائر في مجتمعنا من صراع سياسي طبيعي ضمن أطر ومؤسسات دستورية إلى صراع مباشر بين السلطة والشعب، وعندئذ فإنه من الصعوبة بمكان التكهن بنتائج هذا الصراع، خاصة أن المنطقة مضطربة سياسيا، وتداعيات الربيع العربي لا تزال ماثلة أمام أعيننا.

قصارى القول إن الحجج المطروحة لتعديل الدوائر الانتخابية في هذا الوقت وهذه الظروف السياسية هي حجج واهية، وأي خطوة للعبث الحكومي بالدوائر سيثير المزيد من الخلاف السياسي وعدم الاستقرار الداخلي، فهل هذا هو ما تريده الحكومة؟!

back to top