الابن سر أبيه!
![محمد واني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1630607050878772300/1630607062000/1280x960.jpg)
وعلى الرغم من مرور اثني عشر عاماً على تولي بشار الحكم خلفاً لأبيه، فإنه لم يستطع أن يغير شيئاً من أساسيات النظام الثابتة ليوائم المتغيرات السياسية التي طرأت على العالم والمنطقة بعد الربيع العربي، بل ظل يطور من آلته القمعية ويتحدى رياح التغيير ويقطع كل علاقة له مع الشعب، وإن وجدت أي علاقة بين الطرفين، فإنها علاقة السيد بالعبد مبنية أساسا على الأوامر. ومن الطبيعي في ظل الصراع من أجل البقاء ألا يستمد النظام قوته من الشعب، بل من وسائله القمعية التي لا تتأثر بالتطورات السياسية العالمية، لذلك لا توجد لدى بشار وزبانيته أي حلول أخرى للقضية السورية سوى الحلول العسكرية القمعية، وأي حل آخر يعني موت النظام نفسه. أما دعواته المتكررة إلى "الإصلاح" و"الديمقراطية"، فإنها لا تعدو عن كونها خدعاً سياسية لإعادة ترتيب الوضع العسكري من جديد والبدء بجولة أخرى من القمع. وقد دأب النظام والمحور المساند له منذ بدء الانتفاضة الشعبية في التعاطي مع القضية الأهم في المنطقة باستراتيجية ذات شقين؛ الأول، يتمثل بالدعوة "زيفاً" إلى نبذ العنف والقتال والاحتكام إلى الوسائل السلمية والحوار بهدف تهدئة الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية المعنية بشؤون الحقوق الإنسانية والسياسية وكسب الوقت. والشق الثاني، يقوم على استراتيجية ثابتة وهي مواصلة عمليات القتل اليومية المنظمة، فسار الشقان بالتوازي، فكلما تصاعدت وتيرة القمع، تصاعدت معها الدعوة إلى الإصلاح والسلام والحوار، والعكس بالعكس.مهما كانت طبيعة المبادرة السلمية التي حملها مبعوث الأمم المتحدة "كوفي عنان" فإنها محكوم عليها بالفشل، لأن النظام السوري نظام بوليسي، بني أساسا على قيم عسكرية صارمة، يعتبر الشعب مجرد قطيع يقوده، سواء رضي بذلك أم لم يرض، وهو الكفيل بتحديد مستقبله وتحقيق أحلامه ضمن مقرراته وتوجيهاته، فليس من المعقول أن يتنازل النظام عن هذه المكانة "الأبوية" المقدسة التي ظل يتمتع بها لمدة أربعين عاماً ويهبط إلى مستوى الند للـ"قطيع"، وإن أقدم على ذلك، فإنه سيقرر بذلك نهايته، ويسعى إلى حتفه، وهو ما لا يفعله أبداً!* كاتب عراقي