الحديث عن إنشاء "مدينة الحرير" قريب من حكايات ألف ليلة وليلة فيها الخيال والمتعة، لكن ليس لها معنى أو هدف حقيقي.

Ad

في الكويت عشرات الأبراج والعمارات الشاهقة التي تبحث عمن يستأجرها ولا أعتقد أن الكويت تحتاج إلى المزيد منها، لكن من المؤكد أنها بحاجة إلى تأمين مستقبل أهلها وإعداد البلاد لما بعد النفط.

نحتاج إلى بناء هذا الآن بالفوائض التي نملكها قبل أن تذهب إلى جيوب البعض في بناء مدينة لا نحتاجها أو مشروعات ترفية تزيد من أعباء الدولة ولا تضيف جديداً إلى اقتصادها.

نريد لعقول هذا البلد وحكامها أن يروا حاجة الناس وضمان مستقبلهم، مللنا من الحديث السخيف عن مبارزة دبي أو التسابق على بناء أطول برج، نتحدث في أمور الصرف والإنفاق العبثي وكأننا نغرف من كنز مستديم لا ينضب وليس له صاحب.

إذا لم نوجه إنفاقنا واستثماراتنا وإعداد البشر لمشروعات المستقبل، فإننا نحكم على أجيالنا القادمة بالهلاك.

إذا لم نبنِ شيئاً يضمن استمرار الحياة بدون نفط، فإننا نخون أهلنا وأبناءنا وأحفادنا والأجيال القادمة.

كيف يمكن أن تستمر الحياة وتتوافر الطاقة والمياه والعمل والبناء بدون نفط هو واجبنا اليوم وليس غداً، وإذا كانت عندنا فوائض اليوم، وإذا كان سعر برميل النفط الذي عندنا مرتفع، ونعلم أن عمره قصير إما بنضوبه وإما باكتشاف بدائل أفضل أو أرخص منه، فإننا كلنا مطالبون بالعمل على تأمين هذا المستقبل. لا نريد أن نترك مصيرنا أو مصير أبنائنا في مهب الريح، لا نريد متعة مؤقتة يأتي من بعدها عسر ونحن نتفرج ونترك المستقبل للقدر.

ما نفعله الآن هو قمة الجهل والضحالة وقصر النظر، وإلا كيف يغمض لنا جفن ونحن نرى أموال الكويت تتبعثر يميناً وشمالاً دون مردود حقيقي للناس؟ كيف نتحدث عن مدينة جديدة بينما نحن بحاجة إلى مصادر للدخل والشرب والطاقة وفرص عمل حقيقية لأبنائنا؟

كتبت مرة عن بلادة الإحساس عند الأفراد، لكن يبدو أن بلادة الإحساس وقصر النظر والهروب من الواقع زحف إلى قيادات البلد.