لا تفاؤل في اليونان رغم الاتفاقية الأخيرة
أكد أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا، عبداللطيف درويش لـ«الجزيرة نت» أن الحكومة اليونانية التي هللت لانتصارها المزعوم، تنازلت عن بعض النواحي السيادية.
رغم أن الحكومة اليونانية تحاول إظهار الاتفاقية الأخيرة بينها وبين الجهات الدائنة على أنها انتصار لها وإنقاذ لليونان، فلا يوجد تفاؤل كبير بين المحللين الاقتصاديين بشأن مصير الاقتصاد اليوناني ومسيرته خلال الفترة القادمة.وتخرج تظاهرات بشكل يومي في اليونان احتجاجاً على إجراءات التسريح وتخفيض الرواتب التي تتخذها الحكومة بناء على الاتفاقيات مع الجهات الدائنة، بينما لا يبدو أن الحكومة تعطي هذه الاحتجاجات أي اهتمام.
وقال ليكورذوس فاسيلاكوس -رئيس اتحاد موظفي بلدية فيرونا، إحدى بلديات ضواحي أثينا- لـ"الجزيرة نت" إن موظفي البلديات بدأوا منذ ثلاثة أسابيع تحركات احتجاجية لمنع الحكومة من توقيف وطرد آلاف الموظفين في القطاع، كما رفض رؤساء البلديات التوقيع على عمليات الطرد للتأثيرات السلبية المتوقعة على عمل البلديات.وأضاف فاسيلاكوس أن الهدف النهائي للإجراءات هو الوصول إلى تسريح حوالي 150 ألف موظف حتى عام 2015، إضافة إلى التخفيضات في الرواتب التي وصلت حتى 40 في المئة، والمعاشات التقاعدية والتعويض عن الخدمة، واستخدام المتعاقدين بدلاً من الموظفين الدائمين، موضحاً أن قانون الضرائب الذي تنوي الحكومة طرحه قريبا يفرض ضريبة بنسبة 45 في المئة على كل موظف يزيد دخله السنوي على 26 ألف يورو.انتصار مزعومقال أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا، عبداللطيف درويش لـ"الجزيرة نت" إن الحكومة اليونانية التي هللت لانتصارها المزعوم، تنازلت عن بعض النواحي السيادية، حيث تمّ تعيين مراقبين أوروبيين في جميع مفاصل وإدارات الدولة، وفي حالة عجز الدولة عن تسديد الدين يتمّ اتخاذ إجراءات بحقها دون الرجوع إلى البرلمان اليوناني، كما أن الأموال الناتجة عن عملية الخصخصة في اليونان تذهب إلى حساب خاص لخدمة الدين، وبهذه الطريقة سيضع الأوروبيون أيديهم على المؤسسات اليونانية المهمة، حسب قوله.وأضاف درويش أنه لم يتمّ كذلك شطب أي قدر من الديون السيادية الأوروبية على أثينا، كما أن 28 مليار يورو من أموال الدعم ستذهب لدعم السيولة في المصارف اليونانية، مما يخدم الاقتصاد الأوروبي بسبب تبعية المصارف اليونانية للمصارف الأوروبية، كما أن أثينا ستقوم بأموال الدعم بإعادة شراء سنداتها بنسبة 30 في المئة من قيمتها، ونتيجة للجو الإيجابي الذي خلقته صفقة الدعم، فقد ارتفعت قيمة تلك السندات، وبهذا تخسر اليونان مبلغ خمسة مليارات زيادة عن المبلغ المقدر لعملية الشراء. وقال إن الخطة لا تتضمن أي برنامج للتنمية، معتبراً أن الأوروبيين لم يعالجوا مشكلة اليونان، وأن إجراءات التقشف عصية على التطبيق. وأضاف أن المشكلة ستظهر بشكل خطير حتى مارس من العام القادم.مشكلة الدينالكاتب الصحافي في صحيفة إيثنوس يورغوس ديلاستيك قال إن الاتفاقية الأخيرة لا تحلّ بأي حال مشكلة الدين اليوناني، حيث إن الدين اليوناني سيبلغ عام 2016 نسبة 175 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فكيف من الممكن أن ينخفض بنسبة 50 في المئة خلال أربع سنوات فقط ليصبح 124 في المئة في عام 2020 كما تقول الحكومة؟ معتبراً أن هذه التقديرات لا يمكن أن تتحقق حتى بمعجزة، لاسيما أنه خلال السنوات (2009 -2016) ستكون اليونان قد استدانت 246 مليار يورو عبر اتفاقيات الدين.وقال ديلاستيك لـ"الجزيرة نت" إن بند الاتفاقية الذي ينصّ على أنه بإمكان اليونان ألا تدفع فوائد لمدة عشر سنوات، يتسبب في مشكلة كبرى في سنة 2022 وما بعدها، لأن فوائد عشر سنوات، كما يقدرها الألمان، ستبلغ 44 مليار يورو، إضافة طبعاً إلى الأموال الأخرى الواجب تسديدها، ما يعني أن اليونان ستبقى أسيرة الديون سنوات طويلة.وقال الكاتب اليوناني إن الحكومة الحالية تدرك كارثية الاتفاقية على الاقتصاد اليوناني، لكنها تحاول خداع الشعب اليوناني وتصويرها على أنها انتصار، لأنها تدرك أنها لن تكون موجودة عام 2016 أو 2022، بل ستكون هناك حينئذ حكومات أخرى سيكون عليها عبء ثقيل جدا، لكنها لن تسقط حالياً بفضل دعم القوى الكبرى، لأنها تنفذ أوامرها دون أي نقاش.(الجزيرة نت)