بعد تحديد المحكمة الدستورية جلسة الخامس من سبتمبر الجاري لنظر أولى جلسات الطعن الحكومي بعدم دستورية المادتين الاولى والثانية من قانون الدوائر الانتخابية لمخالفتهما نصوص المادتين 29 و108 من الدستور وقضاء المحكمة بأي خيار من الخيارات الأربعة التي تملكها، وهي قبول الطعن شكلا وموضوعا، ومن ثمة الحكم بعدم دستورية المادتين الأولى والثانية من القانون أو بقبول الطعن شكلا وموضوعا بالنسبة للمادة الأولى وبرفضه للمادة الثانية او برفض المحكمة للطعن الحكومة شكلا من الاساس أو برفض المحكمة الدستورية الطعن موضوعا بعد قبوله شكلا يبقى أن تبين المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها بأي اتجاه سيكون مصير نص المادة 81 من الدستور، التي ترسم شكل تحديد الدوائر الانتخابية، وعما إذا كان المقصود بتحديد الدوائر بإمكانية التعدد لها أو بعدم إمكانية التعدد.

Ad

فإن أشارت المحكمة في حكمها بإمكانية التشريع للدوائر بالتعدد لدائرة واحدة أو أكثر، فهي بذلك قررت الخيارات التشريعية المقبلة بإمكانية جعل الدوائر الانتخابية وفق نظام الدائرة الواحدة، بينما إن قررت أن المقصود هو الدوائر وتمسكت المحكمة بظاهر النص فذلك يعني قطع المحكمة الدستورية الطريق أمام مقترح الدائرة الواحدة لعدم دستوريته وأفصحت بذلك عن المقصد الدستوري من نص المادة 81 من الدستور.

ولعل من المهم أن ترسم المحكمة الدستورية وهي في طريقها للفصل بالطعن الدستوري شكل ومضمون نص المادة 81 من الدستور لأن المرحلة التي ستعقب عودة الحياة النيابية ستنشط فيها قضية تبني الدائرة الانتخابية الواحدة بعد حسم المحكمة الدستورية لمصير الطعن الحكومي المنظور أمامها، ولذلك سيصبح من المفيد أن تعرج المحكمة الدستورية للمقصود بنص المادة 81 من الدستور وهي في سبيلها للفصل بالطعن الحكومي بعدم الدستورية امتثالا لنص المادة 173 من الدستور ولمذكرتها التفسيرية، كما أن الأهمية تكمن في أن تحديد المقصود سيحصن الانتخابات التي تقام وفق نظام الدائرة الانتخابية الواحدة في ما لو طعن على القانون بعدم دستوريته لمخالفته نص المادة 81 من الدستور.

أخيرا تكمن الأهمية أيضا بالإشارة للمتفائلين بحكم المحكمة الدستورية وبقضائه المتوقع بعدم دستورية المادتين الأولى والثانية من قانون الدوائر بأن المحكمة سبق لها أن رفضت الدعوى الدستورية التي أقامتها الحكومة في عام 2007 في الطعن الدستوري الذي لجأت فيه الحكومة إلى المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون الذي أقره مجلس الأمة والذي رفضته الحكومة بزيادة بدل الإيجار الذي تمنحه المؤسسة العامة للرعاية السكنية للمواطنين وقدره 150 دينارا، ورأت الحكومة في إقراره مخالفة لنصوص الدستور إلا أن المحكمة الدستورية رفضته موضوعا بعدما قبلته شكلا وأكدت أن سلطة المحكمة بالرقابة على القوانين المتعلقة بالسلطتين ولذلك فهي رفضت الدعوى المقامة لكون الأمر متعلقا بالأمور المالية وهو بالتأكيد خيار لا يمكن استبعاده مثلما خيار الحكم بعدم دستورية المادتين المطعون عليهما بعدم الدستورية.