بات المشهد السياسي المصري، المُنقسم بسبب تصاعد الجدل القضائي حول مقاطعة الاستفتاء على مواد الدستور الجديد الذي أعدته جمعية تأسيسية متهمة بالانحياز إلى تيار واحد، ينذر بمزيد من التصعيد، ففي حين جدد معظم القضاة عزمهم مقاطعة الإشراف على الاستفتاء، أعلنت اللجنة القضائية المشرفة انطلاق قطار الاستفتاء. وقال عضو اللجنة المستشار عبدالرحمن بهلول لـ«الجريدة» إن «الأعضاء في حالة انعقاد دائم، حيث شُكِّلت لجان تتولى الترتيبات اللازمة لإدارة عملية الاستفتاء برمتها»، إلا أنه توقع اعتذار عدد كبير من القضاة عن الإشراف على الاستفتاء.
أنصار الرئيس واصلوا الدفاع عن الاستفتاء قضائياً، رغم أن الإشراف يتطلب نحو 14 ألف قاض، حيث تقدم المحامي عماد هريدي ببلاغ إلى النائب العام، ضد رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند لقيامه بالتحريض على تعليق العمل بالمحاكم والنيابات، ومطالبته القضاة بعدم الإشراف على الاستفتاء، بينما أكد رئيس إدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل المستشار زغلول البلشي، في تصريحات لـ«الجريدة»، أن «التفتيش القضائي أعلن أن عدد القضاة الموافقين حتى أمس على الإشراف بلغ نحو 2000 قاض».وقال أمين صندوق نادي القضاة المستشار محمد صالح، إن ما أصدره النادي من قرار بانتداب أعضاء النيابة العامة والقضاة للإشراف على الاستفتاء قرار إداري غير ملزم للقضاة وأعضاء النيابة، لأن هذا العمل ليس من اختصاصهم، موضحاً أن استطلاعاً للرأي أعده النادي كشف أن 10% من أعضاء النيابة العامة والقضاة طلبوا السماح لهم بالمشاركة في الاستفتاء، و90% قرروا الامتناع.في السياق، أكد نائب رئيس مجلس الدولة المستشار ماهر أبوالعينين أن مستشاري وقضاة المجلس سيشاركون في الإشراف على الاستفتاء، بعد موافقة المجلس الخاص لمستشاري المجلس خلال اجتماعه أمس الأول.وقال أبوالعينين، في تصريحات لـ«الجريدة»، إنه «تم إرسال كشوف بأسماء قضاة ومستشاري مجلس الدولة للجنة العليا المشرفة على الاستفتاء»، في حين اعترف سكرتير مساعد نادي مجلس الدولة السابق المستشار حسن بدراوي بأن إعلان مجلس الدولة عن مشاركة قضاته غير ملزم ولا يترتب عليه أي مخالفة على القاضي الممتنع.الزحف إلى القصرميدانياً، وبينما كانت الأغلبية العظمى من القوى المدنية أجمعت على الزحف إلى قصر «الاتحادية» مساء أمس أرجأ حزب «الدستور» هذه الخطوة، بقرار اتخذته قياداته عصر أمس بتعديل اتجاه المسيرات من الاتحادية إلى ميدان التحرير، بينما انطلقت صوب القصر مسيرات أخرى حاشدة تحت عنوان «الإنذار الأخير» لدعوة الرئيس محمد مرسي إلى إلغاء الإعلان الدستوري ووقف دعوته للاستفتاء على الدستور، وشارك فيها صحافيون ومحامون، كما حفلت مدينة الإسكندرية بتظاهرات حاشدة لرفض القرارات. وتصاعدت المخاوف من العنف أمام قصر الاتحادية، الذي تحول محيطه إلى ثكنة عسكـرية، حيث منعت قوات الجيش والشرطة الاقتراب من القصر وأغلقت جميع المداخل والمخارج المؤدية إليه، وشهد محيط القصـر تواجداً أمنياً ضم 35 تشكيلاً يتبع وزارة الداخليـة، وفق مصدر أمني، وعددا كبيرا من القوات المسلحة.واستنكر المشاركون في الزحف، عبر بيان أصدروه مساء أمس الأول، الإجراءات الأمنية المكثفة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى القصر، لعدم اتباع الإجراءات ذاتها مع المسيرات المؤيدة للرئيس مرسي.وبينما قال المرشح الرئاسي السابق خالد علي، لـ«الجريدة»، إن مخططات الرئيس بالدعوة للاستفتاء على الدستور، هي التي فرضت على القوى الوطنية مواقف محددة لمواجهة هذه التحركات، عبر رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي عن أن «جبهة الإنقاذ الوطني» ستقرر موقفها من الاستفتاء على الدستور خلال ساعات.وأكد منسق حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» مختار محمد أن المسيرات إلى قصر الاتحادية سلمية وهدفها توصيل رسالة إلى الرئيس بوقف دعوات الاستفتاء على الدستور. وقال نائب رئيس حزب «غد الثورة» شادي طه لـ «الجريدة»: «سوف نتخذ إجراءاتٍ تصعيدية حال إصرار الرئيس على عدم الاستجابة لمطالبنا، أبرزها الدعوة إلى العصيان المدني ومقاطعة الاستفتاء على الدستور».في المقابل، رحب المستشار الإعلامي لحزب «الحرية والعدالة» مراد محمد علي بالتظاهرات في أي مكان طالما كانت سلمية، وقال، في تصريحات لـ«الجريدة»، «نظمنا تظاهرات (السبت الماضي) ضمت الملايين، ولم تشهد أي عنف أو تخريب، وعلى الداعين إلى التظاهر أمام القصر تحمل مسؤولية أي عنف ينتج عن سوء التنظيم».يذكر أن بعض التيارات السلفية أعلنت رفضها الاستفتاء على الدستور، حيث أعلن عدد من قيادات مجلس شورى العلماء، أكبر تجمع يضم قيادات سلفية، عدم قبولهم المسودة النهائية، داعين جموع الشعب، إلى التصويت بـ»لا»، وقال الداعية السلفي مصطفى العدوي، إن الدستور تضمن مواد غير جائزة شرعاً، ويجب على الجميع التصويت عليها بـ«لا».
دوليات
مصر: قطار «الاستفتاء» ينطلق... والرئيس تحت الحصار
05-12-2012