«هبَّة تشرين» وانتهازية المفلسين!

نشر في 17-11-2012
آخر تحديث 17-11-2012 | 00:01
 يوسف عوض العازمي أعان الله العرب، على ما يواجهونه من أزمات، الواحدة تلد الأخرى، كنا مع البوعزيزي وثورة الياسمين في تونس وانتقلنا إلى القاهرة بأرض الكنانة في ثورتين اندلعتا بأقل الخسائر، واتجهنا إلى ليبيا والثورة على القذافي، وتلقينا دروساً مجانية في كيفية سفك الدماء، لا حول ولا قوة إلا بالله... حيث "لم يفل الحديد إلا الحديد"!

لتقوم بعدها ثورة أهل اليمن السعيد، التي نجحت بمبادرات سياسية خليجية، أنقذت ما يمكن إنقاذه، وحققت ما كان بالإمكان، ثم ابتدأ ضجيج الدبابات السورية، الذي ظنناه يسير إلى تحرير الجولان، وإذا به لقصف حمص وحماة ودرعا وحلب... و"يا قلب لا تحزن"!

القطار وصل الآن إلى محطة "هبّة تشرين"! في الأردن، ولأول مرة منذ سنوات طوال، تسيل الدماء في مظاهرة أردنية! حيث قتل الشاب "قيس العمري" على يد رصاصة طائشة، من قوات الدرك في مدينة إربد، مما زاد الأمور احتقاناً في الأردن الآن. وفي حالة نادرة تم الهتاف العلني بسقوط الملك! والناس لم يعد لديها ما تخسره... و"أنا الغريق وما خوفي من البلل"!

المشكلة في الأردن أساسها اقتصادي بحت، فالأردن ذلك البلد الفقير الذي لا موارد حقيقية لديه، سوى السياحة، وبعض الاجتهادات بسياحة طبية وسياحة تعليمية، حيث يتمتع الأردن بسمعة ممتازة في مجال الطب، وفي التعليم حيث يملك أكبر عدد من الجامعات في العالم قياساً بمعدل عدد السكان، إلا أنها لا تغني من جوع، فأساس الميزانية العامة يعتمد على المساعدات الخارجية التي يشتكي رئيس الوزراء من قلتها وعدم وفاء الدول القادرة بوعودها، وهو رئيس وزراء يتمتع بعقلية وتجربة اقتصاديتين كافيتين لتعيناه بعد الله في إدارة البلد، إلا أنه وُضع في فوهة المدفع أمام الشعب كله، ومهما تكن إمكاناته... فـ"الشعب أقوى والتاريخ يشهد"!

أصدر رئيس الوزراء، قرارات جراحية موجعة، وقاسية على المواطن الأردني، وهي  قرارات في محلها، وكان من المستحيل تجنبها، إنما الخطأ كان في عدم تسويقها التسويق المناسب، قبل إصدارها، مما جعل المواطن يفاجأ بها، وهو لم يتم إعلامه، أو إفهامه، بمبرراتها المعقولة، لذلك لم يبنِ رئيس الوزراء عبدالله النسور، الجسور، التي يستغلها ليضع المواطن أمام الصورة الحقيقية الكاملة.

وكالعادة، استغل "الإخوان المفلسون"، طهارة نوايا المتظاهرين، وغوغاء الفوضويين،  ليحاولوا فرض شروط سياسية انتهازية على الحكومة، وليصوروا أن باستطاعتهم وقف تلك المظاهرات، في حال تحقيق الحكومة لشروطهم. أنا متأكد أنهم مجرد ظاهرة صورية، فقط حفنة دهاة يخططون، إنما لا يجرؤون على تنفيذ المخططات، لكنهم هم من يقطف الثمار، بدهائهم في النهاية ولاتزال صور ثورتي تونس ومصر ماثلة أمامنا.

يقول مؤرخو السياسة، إن الثورات يخطط لها الدهاة، وينفذها المخلصون، ويقطف ثمارها الجبناء، وسبحان الله، هذا ما يحدث على أرض الواقع.

الآن... الأردن في أزمة حقيقية طاحنة، فزيادة على اللاجئين من سورية، وقبلهم العراقيون، ولا ننسى لاجئي فلسطين، جاءت أزمة الغاز المصري، والآن التصعيد الإسرائيلي على غزة  المحاصرة، حماها الله.

الأردن الآن في أمس الحاجة إلى المساعدات السريعة، وعلى الدول المتعهدة، أن تفي بوعودها، فخطورة وضع الأردن، أن التأثير سيصل إلى دول أخرى بالتأكيد، ونحن الآن ننتظر قرب الشتاء، الذي يحتاج الإنسان فيه إلى التدفئة، فإن لم يتدفأ جيداً في برد الشتاء فسيباغته الربيع سريعاً... و"تعال حل هبّة تشرين وقتها"!

back to top