في عالم اليوم الذي أصبحت فيه الاتحادات والتكتلات الدولية هي المسيطرة وتعاظمت فيه التحديات الدولية والإقليمية، فإن السؤال حول أهمية وجود اتحاد خليجي لا معنى له ولا قيمة حيث إن اتحاد دول الخليج يمثّل أهمية استراتيجية لدول المنطقة لا جدال فيها، لهذا فالسؤال المحوري هو: ترى ما شكل الوحدة الخليجية التي من الممكن أن يكتب لها النجاح في ظل المعطيات الراهنة؟ هذا السؤال المهم يجب ألا تتم الإجابة عنه إلا بعد دراسة موضوعية هادئة بعيدة عن العاطفة تأخذ في الاعتبار تجربة مجلس التعاون الخليجي من جهة والاختلافات الجوهرية بين الأنظمة الحاكمة في الخليج من الجهة الأخرى.

Ad

بالإضافة إلى ذلك، فإنه من الضرورة بمكان عدم تكرار التجارب الفاشلة "للوحدة" التي أعلنتها الأنظمة العربية منذ الوحدة المصرية-السورية عام 1958، التي كان محورها الأساسي هو "أمن الأنظمة الحاكمة" وليس أمن الشعوب وتحسين مستوى معيشتها، لذلك لم تأخذ هذه المحاولات "الوحدوية" الفاشلة في الاعتبار الظروف الذاتية لكل بلد على حدة، أو قضية التكامل الاقتصادي بين الدول المشاركة، أو توسيع قاعدة الديمقراطية والحريات العامة والمشاركة الشعبية التي بدونها جميعاً لن تنجح أي محاولات "فوقية" لفرض "وحدة" قسرية بين دول ذات طبيعة اقتصادية وسياسية متباينة.

من هذا المنطلق، فإن الوحدة الكونفدرالية (دول مستقلة ذات سيادة) وليس الفدرالية (اندماجية) بين دول الخليج هي الشكل الأنسب كما ذكرنا في هذه الزاوية من قبل لاعتبارات عدة من أهمها اختلاف طبيعة الأنظمة الحاكمة... ولكي تنجح "الكونفدرالية الخليجية"، فإنه من الأهمية بمكان القيام بالتالي:

أولاً: تقييم تجربة مجلس التعاون الخليجي بشكل موضوعي من أجل تحديد العوامل التي حالت دون نجاحه في قضايا الدفاع والسياسة الخارجية وإنجاز السوق الخليجية المشتركة والتكامل الاقتصادي والوحدة النقدية والاتحاد الجمركي على أن تشارك جميع شعوب المنطقة بعملية التقييم بطرق ديمقراطية ثم تنشر نتائج التقييم بكل شفافية.

ثانياً: الإسراع بإجراء إصلاحات سياسية حقيقية في دول الخليج كافة يترتب عليها توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وانهاء احتكار السلطة والثروة وحماية الحريات العامة لكي تتمكن شعوب المنطقة من المشاركة الإيجابية في إدارة شؤون بلدانها أولاً وتصبح قادرة، بعد ذلك، على المشاركة الديمقراطية في صياغة مشروع "الكونفدرالية" الخليجية أو أي مشاريع وحدوية عربية وتساهم بفعالية في عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بأمنها وأمن أوطانها واستقرارها.

ثالثا: نشر وثائق مشروع "الكونفدرالية" بكل شفافية كي تطلع عليها شعوب المنطقة وتبدي رأيها فيها من خلال الآليات الديمقراطية المتعارف عليها دولياً (لجان تحضيرية منتخبة لهذا الغرض واستفتاءات عامة ومساهمة منظمات مجتمع مدني وغيرها) حتى تتحمل جزءاً من المسؤولية عمّا سيترتب على المشروع من تبعات مستقبلية.

***

نافذة:

من حقنا كمواطنين أن نبدي آراءنا بمشروع الاتحاد الخليجي، لكن الغريب والمريب في الوقت ذاته هو دعوة "المجلس التنسيقي للإعلام الإسلامي" في إيران لتظاهرات ضد المشروع، فما دخل إيران في شأن يخص دول مستقلة ذات سيادة؟!