آمال: وكبرنا...

نشر في 14-08-2012
آخر تحديث 14-08-2012 | 00:01
No Image Caption
 محمد الوشيحي كنا صغاراً، نتوهم أن اللصوص، أو "الحرامية" كما هي مسمياتهم الوظيفية في لهجتنا، لا يظهرون إلا في الليالي المعتمة، أو عندما تُطفأ الأضواء. وكنا نعتقد أن مهمة الحرامي وطبيعة عمله تنحصر في ابتلاع الطفل الذي لا ينام، أو الذي لا يترك الهمس مع إخوته المكدسين إلى جانبه في الغرفة قبل النوم. وكبرنا، من دون تعمد منا، واكتشفنا، أيضاً من دون تعمد منا، أن اللصوص ينامون مثلنا ليلاً، ولا يسرقون إلا في أوقات العمل الرسمية، وفوجئنا بحجم سرقاتهم وهبشاتهم، وإذا هي بمئات الملايين من الدنانير، ففزعنا وصرخنا وكتبنا: "أوقفوا السرقات"، وفزع الناس ورددوا ما قلناه، ولا مجيب... كان كل ما يشغلنا ويغري دماءنا للغليان هو السرقة، كانت تشغلنا أكثر مما يشغلنا الفساد الإداري، الذي هو ابن الفساد السياسي. وكبرنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأيقنا أن السرقات لا يمكن إيقاف سيلها، إلا إذا جففنا منبعها، ومنبعها هو الفساد الإداري، واقتنعنا أن الفساد الإداري لا يمكن إيقافه إلا إذا تم قتل أبيه، الفساد السياسي. وكبرنا، ووصلنا إلى مرحلة من العمر نستحي فيها على شواربنا أن نتحدث عن سرقة هنا أو صفقة مغشوشة هناك، وبتنا نشفق على من يصرخ معترضاً طريق سرقة، وغدونا نسمع عن السرقات هنا وهناك دون أن نتوقف عن تناول عصير الجزر، أو حتى نقطع حديثنا من أجلها. والأيام المقبلة، أو الشهور المقبلة بالأحرى، ولن أتشاءم أكثر فأقول السنوات المقبلة، ستكون فرصة العمر لمن يريد أن يسرق، فالغبار يتفقد أدواته قبل أن يبدأ مهمته، وينشر الفوضى، ويخفي البصمات من على خزائن الدولة. وكبرنا، وكبرنا، وكبرنا... وشاخت الكويت.
back to top