أبدع الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفه غياب كوفي أنان عن مؤتمر أصدقاء سورية، الذي انعقد قبل أيام في باريس، بأنه "معيب"، فالمفترض بما أن هذا الرجل يمثل الجامعة العربية، التي كان أمينها العام مشاركاً في هذا المؤتمر، وبما أنه يمثل أيضاً الأمم المتحدة، التي كان أمينها العام بان كي مون هو بدوره موجوداً، أن يكون أول المشاركين وأكثرهم تفاعلاً، فهو المسؤول المباشر عن المراقبين الدوليين الذين كان لابد من اتخاذ قرار بتوصية منه سواء ببقائهم وعلى أي أساس أو بعودتهم إلى الدول التي جاءوا منها سالمين ولكن ليسوا غانمين! ولعل ما لا يعرفه معظم الذين شاركوا في مؤتمر باريس أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة، أي كوفي أنان، معروف بعناده، وأنه إذا اقتنع أو أُقنع بأي فكرة فإنه يُصر عليها حتى وإن وقف العالم كله في جهة ووقف هو في الجهة الأخرى، وحقيقة أن هذا هو ما حصل معه بالنسبة لمسألة مشاركة إيران في هذا المؤتمر، حيث كانت وجهة نظره أن تكون طهران لاعباً رئيسياً في حل الأزمة السورية، وذلك خلافاً لوجهة نظر معظم الدول العربية والدول الغربية. ويبدو أن الروس هم الذين أقنعوا كوفي أنان بهذه الفكرة، أي فكرة الاستنجاد بإيران لتكون لاعباً رئيسياً في حل الأزمة السورية، وهدفهم بالتأكيد هو تحميل الإيرانيين مسؤولية إغلاق الأبواب أمام كل المحاولات التي تقوم بها الجامعة العربية والأمم المتحدة، وبالتالي تجنُّبِ كل هذه الانتقادات التي يتعرضون لها إن من قبل معظم العرب ومعظم دولهم وإن من قبل الرأي العام الدولي ومعظم دول العالم. ومشكلة كوفي أنان، الذي من المفترض بحكم مسؤوليته الدولية السابقة أنه يعرف كل تعقيدات هذه المنطقة، وأنه يعرف أن الإيرانيين أهل شيء اسمه "التقية"، وأنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر وأن موقفهم الحقيقي تجاه الأزمة السورية هو ما في رأس الولي الفقيه علي خامنئي، وهو ما يفعلونه في الميدان إلى جانب الجيش النظامي ومجموعات "الشبيحة" إن من خلال المقاتلين والخبراء العسكريين وإن بالأموال والأسلحة والميليشيات الطائفية، وفي مقدمتها ميليشيات "حزب الله" اللبناني بقيادة حسن نصر الله. كان على كوفي أنان بمجرد أن اقترح عليه سيرغي لافروف هذا الاقتراح الذي تختبئُ وراءه مناورة سياسية خبيثة أن يعود إلى الذين كلفوه بأن يكون ممثلاً لهم في محاولات إيجاد حلٍّ سلمي للأزمة السورية أي الجامعة العربية والأمم المتحدة وألا يعتصم بـ"الحَردِ" ويُصر على موقفه فهو أولاً وأخيراً موظف لدى هؤلاء الذين قَبِلَ بأن يكون ممثلاً لهم والذين باتوا متأكدين من أن موقف بشار الأسد هو أولاً الموقف الإيراني، وهو ثانياً الموقف الروسي، وأنه إذا كانت روسيا قد دُعيت إلى هذا المؤتمر وكل المؤتمرات السابقة فلأنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ولأن حضورها هذه المؤتمرات قد يشكل ضغطاً عليها لحملها على عدم استخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، أما بالنسبة لإيران فإن دعوتها ستكون بمنزلة إفساح المجال للمزيد من تدخلها السافر في الشؤون الداخلية السورية.
Ad