فجر يوم جديد: قنبلة موقوتة في كان!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
موقف سياسي لا التباس فيه، قد يدفع المهرجان العريق ثمنه إذا أثار فيلم «قَسَم طبرق»، كما هو متوقعاً، جدلاً كبيراً بسبب الموقف الغامض للكاتب والمفكر الفرنسي برنارد ليفي (المولود في الجزائر عن عائلة يهودية ثرية) من الثورات العربية في مصر وليبيا، فالفيلم يروي مغامراته «المشبوهة» طوال ثمانية أشهر أمضاها في بنغازي والأراضي الليبية إبان الثورة على العقيد القذافي، ويرصد من خلال الشريط، الذي تستغرق مدته على الشاشة 90 دقيقة الدور الذي أداه في التحريض والتمهيد والتخطيط للتدخل الأطلسي لعسكرة الحراك الشعبي في ليبيا تحت دعوى أن «التدخل واجب إنساني»، وهو المعنى الذي أكده ليفي في تصريحه لوكالة «فرانس برس»، وأعلن فيه أنّ تقديم الشريط في «كان» «لن يكون تحية لثوار ليبيا فحسب بل رسالة أمل أيضاً إلى ثوار سورية» فأثار ردود فعل متباينة، إذ رأى عدد من المراقبين أنه تجاوز الخطوط الحمراء، بينما اتهم آخرون المهرجان بالتورط في تبني مواقف سياسية قد تجر عليه مشاكل هو في غنى عنها. العجيب أن برنار هنري ليفي ليس مارتن سكورسيزي أو ستيفن سبيلبرغ أو أي «عبقري» أو «ساحر عظيم» من أباطرة السينما العالمية ليؤجل المهرجان المخضرم (صاحب القواعد والمبادئ والأعراف المشهودة) إعلان قوائمه النهائية لأجله، ويتشبث بانتظاره حتى يفرغ من «قطعته الفنية»، وفور أن يفعل يُسارع بإعلان «قائمة تكميلية» يضمه فيها إلى الأفلام المشاركة في القسم الرسمي خارج المسابقة للدورة الخامسة والستين. بل هو مخرج شديد التواضع خاض عام 1997 تجربة «يتيمة» في مجال إخراج الفيلم الروائي الطويل بعنوان «الليل والنهار» حققت فشلاً ذريعاً، على رغم قيام النجم الفرنسي الشهير ألان ديلون ببطولتها، ومن بعدها لم يُعد الكرَة، لكنه اختار «التجريب» في مجال السينما الوثائقية. وها هو يعود بعد 18 عاماً من عرض فيلمه الوثائقي «بوسنة» في «كان» ليثير عاصفة الجدل نفسها، التي فجرها فيلمه «بوسنة»، الذي أجمع النقاد والصحافيون وقتها أنه استغل بوقاحة مأساة البوسنيين ومعاناة ضحايا التطهير العرقي في سراييفو للتمتع بأضواء الشهرة والنجومية، وتمرير دعوته «التدخل واجب إنساني». الحقيقة المؤكدة أن مهرجان «كان»، الذي يشهد له الجميع بسمعته المحترمة بين مهرجانات العالم، بالإضافة إلى نزاهته وموضوعيته، أخطأ تقدير الموقف هذه المرة وزج بنفسه في أزمة ستترك تداعيات سلبية ونتائج وخيمة لم يكن في حاجة إليها أبداً، لأن «قسم طبرق» لن يضيف إلى الدورة الخامسة والستين شيئاً، مثلما لن يكرس الدعوة إلى «الليبرالية»، حسبما يظن بعض المتحمسين لمشاركة الفيلم. فالليبرالية تقتضي في أضعف الإيمان، أن يتيح المهرجان لوجهة النظر المناهضة لأفكار ليفي، والمفندة لمواقفه الغامضة، وتحركاته المشبوهة أن تتواجد، وتعبر عن نفسها أيضاً، والفرصة سانحة لبلورة هذه «الليبرالية» على أكمل وجه، في حال تنظيم ندوة عقب عرض «قسم طبرق» لمناقشة ليفي في رؤيته وحجم موهبته، وحينها ستتكشف الأوراق... وتسقط الأقنعة!