كلمة راس: الفصل التشريعي بين أتمنى... ولكن
سألني أحد الإخوة في إحدى الديوانيات عن رأيي في إمكانية استمرار الفصل التشريعي الحالي إلى مداه وإكماله السنوات الأربع التي حددها الدستور... قلت إنني آمل أن يتم ذلك، وأن تستطيع السلطتان التشريعية والتنفيذية تحقيق ذلك، لأن ذلك أحد مؤشرات الاستقرار السياسي، فعمل السياسيين بعيداً عن هاجس الحل يتيح لهم الفرصة لترتيب أولوياتهم، وإعطاء مزيد من الوقت لدراسة ما يعرض عليهم من مشاريع، دون الإحساس بضغط الوقت ومسارعة الزمن في تحقيق إنجازات لم تكتمل دراستها ولا مراجعتها. لكن كل المؤشرات تشوش على ذلك الأمل، وتجعل تحقيقه أمراً تحيط به صعوبات كثيرة، لعل أولاها فقدان الأغلبية المريحة للحكومة داخل مجلس الأمة التي لا يمكن لأي حكومة كانت تنفيذ برنامجها دون وجودها. الحكومات في العالم تسقط إذا نقص عدد مؤيديها عن عدد معارضيها، وتدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة، فالأصل أن تكون الأغلبية مع الحكومة، وأقصد بالأغلبية الأغلبية المتوافقة مع الحكومة لا المتواطئة معها، الأغلبية الشريكة في الاختيار والقرار، لا الأغلبية التابعة أو المستفيدة، فإذا لم يحصل هذا فإن الاحتكام إلى الشارع هو الحل دائماً. الوضع الحالي في الكويت معكوس، فالأغلبية البرلمانية هي للمعارضة، بل حتى الأقلية تبرأت من الحكومة وبدأت مهاجمتها ومحاولة إسقاطها بالحق والباطل، وأعلنت صراحة أنها تسعى لعرقلة عملها. نعم الأغلبية البرلمانية في الكويت أعطت إشارات بأنها ستمد يد التعاون للحكومة، لكن المشكلة في تلك الأغلبية أنها ليست فصيلاً واحداً، بل فصائل متعددة، اختلافاتها كثيرة، وبعضها متعجل في تحقيق برامجه، والسعي لتنفيذ أولوياته، وهكذا بدأنا نرى بعض الاندفاعات والمبادرات غير المدروسة ولا المتفق عليها تتفلت من هنا وهناك، وبدأنا نشعر أن السيطرة عليها من المجموع صعب المنال، خاصة أن التكتل ليس له رأس يديره ويتحدث باسمه، ويضع جدول أعماله... فالأمور كلها تشير إلى أننا نعيش تجربة سياسية جديدة، وحقبة مختلفة، وحكومة ليس لها غطاء برلماني تركن إليه وتعتمد على أصواته. لا أريد أن أكون متشائماً، لكن استمرار الوضع مدة أربع سنوات يحتاج إلى معجزة سياسية أتمنى أن تحدث، لكنني أشك في ذلك.