أثرى المكتبة بأغنيات عاطفية ووطنية ودينية

Ad

الشاعر الغنائي سالم ثاني أحد أبرز المشاركين في ازدهار الأغنية الكويتية المطورة، ومن جيل عاصر حلاوة الأغنية وتذوق نجاحاتها عن قرب. له أسلوبه الخاص في كتابة القصيدة الغنائية وصاحب مفردة كويتية لا يتنازل عنها... أثرى المكتبة الإذاعية والتلفزيونية بأغنيات عاطفية ووطنية ودينية واجتماعية، مع أنها لا تتجاوز الـ 60، وغنى مطربون ومطربات في الكويت من كلماته، وتعاون مع ملحنين رواد ومخضرمين وشباب.

.

بدأت رحلة الشاعر سالم ثاني في عالم الغناء كهواية في العام 1964، وكان فناناً بكل ما تحمل الكلمة من معنى... يهمه من يغني نصه ومن يلحنه، وأن يكون في مستوى جيد، وكان حريصاً على إنتاجه ويعتز بهً، ولا يبحث عن المال لذلك تميّزت أعماله بالأصالة والجمال.

سيرة ذاتية

اسمه الثلاثي سالم ثاني الوهيدة، من مواليد الكويت في العام 1942 في منطقة حولي بقصر بيان، حالياً المنطقة التي يقع فيها مستشفى مبارك الكبير، ثم انتقلت أسرته إلى النقرة، ومنها إلى المرقاب. تلقى دروسه في البداية عند المطوع، فكان يمشي يومياً من الشامية إلى المرقاب، ومن ثم أكملها في حولي.

في السادسة عشرة من عمره ترك الدراسة واتجه إلى العمل وتابع الدراسة المهنية في مطبعة الحكومة التابعة لوزارة الإعلام، أولاً في قسم التجليد، ثم في قسم الجمع اليدوي، وقد أفاده هذا العمل في التعلم والثقافة إلى أن أصبح مخرجاً صحافياً لمجلة «الكويت» التابعة لوزارة الإعلام.

من أصدقائه في مرحلة الطفولة والشباب: مصطفى أحمد، صالح موسى، عبدالأمير مطر، يوسف بخيت، وعبدالعزيز الحشاش، فكوّن معهم فرقة فنية شبابية كانت تمارس نشاطها في الرحلات وخلال المناسبات مثل أيام القرقيعان... بالإضافة إلى رياضة كرة القدم.

تربى سالم ثاني في عائلة تهوى الشعر، وكان والده وخاله وجده يقولون الشعر النبطي، فكان يستمع إليهم ويتذوق الشعر منهم، ودخل مع والده في أكثر من ردية، ويقول عن ذلك: «أتذكر أنه في عام 1952 كان خالي يذهب إلى البلدية، منطقة الخالدية اليوم... وفي كل ليلة يعملون رديات، وكنت أستمع إليهم وأستفيد منهم».

في عام 1964 تردّد الشاعر سالم ثاني على الإذاعة الكويتية، والتقى الشعراء: أحمد الصالح (مؤلف معتزل)، مبارك الحديبي، فايق عبد الجليل، ماجد سلطان، فكوَّنوا لجنة يناقشون فيها أي عمل يكتبه أحد الأعضاء في المجموعة، قبل تقديمه إلى لجنة إحازة النصوص في الإذاعة الكويتية، كذلك كانوا يستمعون إلى أغانٍ عربية ويناقشون كلماتها من النواحي كافة، وأعجبوا بالشاعر الغنائي المصري الكبير حسين السيد...

تأثر سليم ثاني بالشعراء: فهد بورسلي الذي حببه بشعره زميله الشاعر علي الربعي، محمد بن لعبون، الملحن الدكتور يوسف دوخي، عبد الله عبد العزيز الدويش، الأديب والمؤرخ عبد الله الحاتم.

في جمعية الفنانين

كانت مجموعة الشعراء من بينها الشاعر الغنائي سالم ثاني، تجتمع في البداية في الإذاعة الكويتية، ثم عند الشاعر الراحل محمد التنيب في ديوانيته، وعندما تأسست جمعية الفنانين الكويتيين انتقلت هذه المجموعة إليها واحتكّت بالملحنين والمطربين الرواد والنجوم والشباب.. وقد استفاد الشاعر الغنائي سالم ثاني من وجوده في جمعية الفنانين وكان له دور في دعم مسيرة الجمعية، خصوصاً مشاركاته في اللجنة الثقافية، لجنة الحفلات، وفي مجالات عدّة، وهو يعتزّ بدور جمعية الفنانين في حياته الفنية والشعرية التي ما زال عضواً عاملاً فيها.

في بداياته مع الأغنية كان سالم ثاني يكتب خواطر ونما لديه إحساس بالموسيقى والكلمة، لا سيما عندما كان يرافق المطرب مصطفى أحمد في فترة تعاونه مع الملحن الراحل عبد الرحمن البعيجان، فكان يجالسهما ويشاركهما في مناقشة اللحن والكلمة، واستفاد من هذه الجلسات الغنائية، فلحن له الفنان عبدالرحمن البعيجان أول أغنية كتبها وغناها المطرب علي سهيل، يقول في مطلعها:

حبيبي اللي هاجرني

كفاك الصد يا غالي

أحبك وأنت ظالمني

ولا تعطف على حالي

بعد ذلك غنى له المطرب غازي العطار أغنية «آهات»، يقول فيها:

آه يا ذيك الليالي

ذكراه حلم بخيالي

ومن الأغنيات التي قدمها في بدايات مسيرته الغنائية «مسكين يا قلبي» غناها المطرب يحيى أحمد ولحنها الفنان بدر عبدالسلام، الذي كان من العناصر الشبابية النشطة في الستينيات واختفى بعد ذلك، يقول في مطلع الأغنية:

مسكين يا قلبي عذابك زاد

واللي تحبه ناوي هجرانك

انت تحبه وفي غرامك جاد

وهو يتسلى دوم بأحزانك

من الفنانين الذين تعاون معهم: الملحن القدير عبدالرحمن البعيجان، المطرب مصطفى أحمد، عبدالعزيز الحمدان، غازي العطار، يحيى أحمد، حوريه سامي، عوض دوخي، خليفة بدر، عبدالعزيز محمد، بدر عبدالسلام، محمد التتان، فيصل عبدالله، عائشة المرطة، وغنام الديكان.

من العناصر الشبابية التي غنت من كلمات سالم ثاني المطرب مبارك المعتوق، الذي كان في بداية مشواره الفني، وغنى له أغنية هي من وزن فريسني لحنه الفنان ابراهيم الفرحان، وتُعد من الأغاني الكويتية المطورة التي كانت سائدة ومرغوبة في تلك الفترة ويقول في مطلعها:

يا الحبيب وش علامك

ليش متغير سلامك

مهي عاده يا الحبيب

عني تغبي كلامك

أصوات مختلفة

نوّع سالم ثاني في علاقاته مع المطربين والملحنين، لذلك قُدّمت أغانيه بألحان وأصوات مختلفة... ففي تعاونه مع الرواد والنجوم في فترة الستينيات غنى له الفنان القدير عبد الحميد السيد أغنية وطنية، يقول في مطلعها:

يا حلو منظر بلادي

من بعيد والليل بادي

وفي النهار الله عليها

جنه سوتها الأيادي

كذلك غنى المطرب والملحن عبد الحميد السيد من كلماته، في فترة الستينيات، أغنية عاطفية جميلة بلحن شعبي مطور، فحققت حضوراً وإشادة فنية من الوسط الفني، يقول في مطلعها:

شعقبه يا هوى شعقبه

ترفرف لي على دربه

تبي أرجع أنا مرجع

ولو حننت لي قلبه

كانت الستينيات بالنسبة إلى سالم ثاني مرحلة إثبات وجود وخبرة ودراية، وتعدّ أغنية «أبتسم» للمطرب خليفة بدر من الأعمال الغنائية المهمة في حياة الشاعر سالم ثاني، لأنها عرّفته بالجمهور الذي لمس قدراته في كتابة الأغنية، وكانت سبباً في شهرته، يقول فيها:

أبتسم خلني أشوفك

أبتسم يكفي رضاك

في السبعينيات وصلت الأغنية الكويتية إلى قمة العطاء والمستوى، وكانت الأكثر تميزاً في مسيرة سالم ثاني، قدم خلالها أغاني جميلة أصيلة، وتعاون مع نجوم الأغنية والعناصر الشبابية المتميزة من أبرزهم: الفنان القدير الراحل عوض دوخي في أغنيته «تسلم يا بوسمره» (1973) وما زالت تذاع في التلفزيون، يقول فيها:

تسلم يا بوسمرة

يا منور السهرة

يا شمعه في الليل

لي غابت القمرة

وأحد الملحنين الذين تعاون معهم سالم ثاني غنام الديكان، الباحث دائماً عن الأصالة، فلحن له أكثر من أغنية ناجحة (1974) من بينها: «فكرت أبي أنساك»، «شيللي ينسيني» غناها المطرب الفنان مصطفى أحمد، فحققت حضوراً ومستوى فنياً مميزاً في مسيرة الأغنية الكويتية...

في العام نفسه لحن الفنان القدير غنام الديكان من كلمات سالم ثاني أغنية «بلعون» غنتها المطربة الراحلة عائشة المرطة، وكانت من أفضل الأعمال الغنائية التي قدمها في مسيرته الغنائية، وظلت تذاع لسنوات وتحقق الانتشار والنجاح تقول في مطلعها:

بالعون ماني عقبهم مرتاح

مدري شسوي ضاعت أفكاري

هم عودوا قلبي على الأفراح

واليوم مالي عندهم طاري

ثلاثي ناجح

في السبعينيات تشكل أكثر من ثلاثي ناجح في الأغنية الكويتية يجمع بين ملحن ومطرب ومؤلف، من بينها الثلاثي: الشاعر سالم ثاني والمطرب فيصل عبد الله والملحن عبد العزيز الحمدان، فأثمر أغاني عاطفية ووطنية ودينية، من بينها «بلادي الحلوه» (1973) يقول فيها:

يا بلادي يا حلوة

يا أرض السلام

يا نغمة يا غنوة

يا أحلى كلام

وفي عام 1974 قدم الثلاثي أغنيات جميلة منها أغنية «شيبي فيني»، يقول فيها:

مدري شيبي فيني

طرش يناديني

يمكن يبي يرجع

للماضي يا عيني

كذلك قدموا أغنيات: «واعذاب القلب»، «والله ورجعنا يا هوى»، «بدور» (1975 ) و{يا صبر قلبي»، أغنية عاطفية شعبية مطورة، يقول فيها:

يا صبر قلبي من يصبرني

حتى الصبر ضيعت انا أدروبه

درب عليه بالحيل يجبرني

درب يكثر لي عذروبه

في العام نفسه قدم الثلاثي الناجح «لو بالتمني»، أغنية عاطفية شعبية جميلة في المفردة واللحن والأداء، ولو أنها ليست من أحلى الأغاني، إلا أنها من الأعمال الجيدة، يقول في مطلعها:

يا أهل الهوى تاه مني الراي

عقب عشيري من أغنيله

صرت أتخبط من كثر بلواي

قلبي أشتقى منه يا ويله

واستمر الثلاثي حتى نهاية السبعينيات، وبعد انقطاع لمدة ثلاث سنوات عاد الثلاثي وسجل أغنية «يا سمرة» يقول فيها:

يا سمره ودي أحكيلك

عن أشواقي واغنيلك

وابارك لك يوم العيد

ولو بالأيد أو ميلك

الأم المثالية

في نهاية السبعينيات، نشط المطرب فيصل عبد الله في التلحين لنفسه، فأصبح حضوره على الساحة محدوداً ما قلل التعاون مع الشاعر سالم ثاني والملحن عبد العزيز الحمدان، وجعلهما يقدمان أعمالهما لمطربين آخرين، فغنى لهما المطرب مصطفى أحمد «أرحموا في المحبة» (1977) يقول فيها:

البارحة وانا ساري

في طريقي امتهني

شاقني صوت طار

في فريجكم يرني

وفي العام نفسه غنت المطربة حوريه سامي من جوقة فرقة الموسيقى في الإذاعة الكويتية أغنية «الفرحة يا عيني»... وفي عام 1978 سجل المطرب غازي العطار، الذي سبق أن غنى من كلمات سالم ثاني في الستينيات أكثر من أغنية، «علشانك ترى جينا»، أغنية عاطفية من ألحان عبد العزيز الحمدان يقول في مطلعها:

علشانك ترى جينا

وفينا لك تغنينا

وكانت شوفتك منوه

وخيبت أمانينا

وكان آخر نشاط له بعد التحرير تأليف أغنيات للأم المثالية من تلحين غنام الديكان وسعاد الخليفة وسليمة بوكنان، وكتب خلال الخمس سنوات الماضية ثلاثة أوبريتات وأغنيتين.

من أقواله

• الأغنية الكويتية ذات مستوى عالٍ ولا أبالغ إن قلت إنها في قمة الأغنية الخليجية، نحن لنا أمنية وآمال وطموح أن تكون أفضل مما كنا عليه، وأن تكون في مكانة لائقة لعمرنا وامكاناتنا البشرية والفنية، وأن تصل الأغنية الكويتية في يوم من الأيام الى أعلى مستوى للأغنية العربية.

• أمنيتي أن أسمع أغاني من ملحنين ومؤلفين ومطربين في مستوى الأغنية التي كانت موجودة بين 1958 و1968، من النواحي كافة حيث الكلمة الحلوة المعبرة واللحن الشعبي الأصيل والأداء الجيد المتقن وكذلك التنافس الفني الشريف الذي كان موجوداً آنذاك.