ما قل ودل: «وان مان وان فوت» وعودة إلى الدوائر الخمس والعشرين

نشر في 04-11-2012
آخر تحديث 04-11-2012 | 00:01
 المستشار شفيق إمام    كانت مجلة "القضاء" في الكويت التي تصدر عن معهد الدراسات القضائية قد طلبت مني أن أكتب لها دراسة عن مدى دستورية الدائرة الانتخابية الواحدة، وهي الدراسة التي تفضلَت بنشرها في عددها الصادر في أكتوبر سنة 2003، التي انتهيت فيها إلى عدم دستورية الدائرة الانتخابية الواحدة، وهو ما تبنته المحكمة الدستورية في الكويت بعد عشر سنوات في أكتوبر سنة 2012، وكنت قد ختمت دراستي بفقرة قلت فيها:

"بعد سرد الأسباب التي كوّنت قناعتي بعدم دستورية الدائرة الانتخابية الواحدة بأن الأمر يقتضي اتقاء جميع المحاذير التي طرحتها كتداعيات للأخذ بالدائرة الواحدة، بأن يتقدم من له الحق في طلب تفسير المادة 81 من الدستور إلى المحكمة الدستورية بطلب تفسير هذه المادة ليكون القرار الذي تصدره ملزماً للجميع في شأن مدى دستورية الدائرة الانتخابية".

والآن وقد أصبح تفسير المحكمة للدائرة الواحدة ملزماً لسلطات الدولة كافة، إلا أن إشارتي إلى هذه الدراسة، وإلى مقال نشرته لي صحيفة "الأهرام" المصرية  في السادس عشر من فبراير 2004 حول الموضوع ذاته بعنوان: "الكويت... النظام الانتخابي والعملية الديمقراطية"، قد فرضته على مقالي اليوم المرسوم بقانون الذي صدر أخيراً بتعديل قانون الانتخاب بقصر حق النائب في التصويت على صوت واحد، حيث كان من أول السلبيات التي يفرزها نظام الدائرة الانتخابية الواحدة أو الدوائر الكبيرة بوجه عام ما قلته في دراستي ومقالَيّ سالفي الذكر.

الانتخاب الفردي

لا يستقيم نظام الدائرة الانتخابية الواحدة مع الحق الفردي للانتخاب بأن يكون لكل ناخب صوت واحد (One man one vote) واستشهدت في ذلك بما قاله الخبير الدستوري الدكتور عثمان خليل في لجنة الدستور بأنه كلما كان نطاق الدائرة أقل قربنا التمثيل من الديمقراطية الصحيحة (مضبطة الجلسة 11 ص 2).

كما استشهدت بتطور تقسيم الدوائر الانتخابية بالمرسوم بقانون رقم (99) لسنة 80 من عشر دوائر إلى خمس وعشرين دائرة، فتعديل تقسيم الدوائر إلى خمس يناقض هذا التطور ولو كان نظام الدائرة الواحدة مقبولاً من الرعيل الأول آباء الدستور لأخذوا به في مستهل الحياة النيابية عندما كان عدد الناخبين محدوداً.

كما قلت في هذه الدراسة كذلك إن تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة تنتخب كل منها نائباً واحداً، هي الطريقة التى تيسر مهمة الناخب في التفكير والاختيار (وليس دون روية أو اختيار سليم).

... «مش مفهومة»

عودة إلى الدوائر الخمس والعشرين:

وهو ما أردت أن أنبه إليه في هذا المقال لأن ما سيقع على عاتق مجلس الأمة الجديد هو تعديل التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية بالعودة إلى الدوائر الخمس والعشرين، فهي وحدها التي ستكون الأقرب إلى التمثيل الصحيح لإرادة الناخبين، في ظل الصوت الواحد للناخب، والذي كان يعطيه الناخب لمن يثق بتمثيله له عندما كان للناخب صوتان في الدوائر الخمس والعشرين.

وهو المخرج الوحيد من الأزمة الدستورية والسياسية التي سوف تقع فيها الممارسة الديمقراطية في الكويت بعد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات التي وجهتها بعض القوى السياسية لأنصارها.

تحية للدكتور أحمد المنيس:

وأوجه إلى الدكتور أحمد المنيس، الذي أصدر بياناً أغلق فيه ديوانية والده النائب الراحل سامي المنيس، احتجاجا على هذه المقاطعة، التي سوف تجني التجربة الديمقراطية قتادها لا ثمارها.

ودعوة إلى علي سالم الدقباسي:

وأدعو النائب السابق والصديق العزيز علي سالم الدقباسي رئيس البرلمان العربي إلى أن يعيد ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة، فهذا ما تمليه عليه وطنيته وعروبته، ففي رقبته دين لشعب الكويت الذي انتخبه وجدد انتخابه مرتين ليصبح رئيساً للبرلمان العربي، ودين آخر لشعوب الأمة العربية التي منحته ثقتها ليكون رئيساً للبرلمان العربي، وهي الرئاسة التي عقدت للكويت منذ إنشاء البرلمان العربي عندما فاز النائب محمد الصقر بها ولفترتين متتالتين، وفي مقاطعته لهذه الانتخابات ضياع لرئاسة الكويت للبرلمان العربي، وأرجو أن يتفهم زملاؤه من أنصار المقاطعة الوضع الخاص به الذي يمليه عليه، كذلك ما أعلمه عنه من حبه للكويت حباً يملأ عليه شغاف قلبه، ومن إيمان بالدور الذي يمكن أن يلعبه البرلمان العربي على مستوى العلاقات العربية العربية، وعلى مستوى العلاقات العربية الخارجية، وعلى مستوى الإعلام الخارجي لشرح قضايا الأمة العربية، وأن في قيام البرلمان العربي ما يعزز الخطوات الضرورية لتحقيق أماني الأمة العربية في وحدة عربية لن تفرضها إلا إرادة الشعوب عندما تستكمل مقومات أنظمة الحكم الديمقراطي فيها.

back to top