"المزايدات تؤجل قرارات رفع المعاناة"... نشرت الزميلة "السياسة" قبل يومين هذا المانشيت على صدر صفحتها الأولى والمقصود، كما هو واضح أن مزايدات كتلة الأغلبية وبالأخص نزولها إلى "ساحة الإرادة" مساء الاثنين الماضي، ورفعها لسقف الخطاب الجماهيري بشكل عنيف، هي التي أدت إلى قيام الحكومة بتأجيل قراراتها التي كانت تعتزم اطلاقها لأجل رفع المعاناة عن كاهل المواطن الكويتي!
والحقيقة أن هذا المانشيت، المثير والمدغدغ للمشاعر الشعبية في ذات الوقت، والذي جاءت به "السياسة" قد حمل رسالتين في الوقت نفسه، واحدة مباشرة مكشوفة، وأخرى مستترة يمكن استنباطها بقليل من التفكير، ولعلها جاءت من حيث لم يشعر أصحاب المانشيت أصلاً.المانشيت وكما ذكرنا، ومن خلال كلماته المباشرة، يتهم كتلة الأغلبية بالمزايدات وأنها لذلك كانت السبب الذي أدى إلى حرمان المواطن الكويتي من حزمة القرارات الحكومية التي كانت على وشك أن تأتي لترفع المعاناة عن كاهله، لكن عندما يتبصر القارئ الذكي وينظر في المانشيت بشكل أكثر عمقاً، فمن المحتم أن يخطر في ذهنه السؤال التالي: وما علاقة مزايدات كتلة الأغلبية أو غيرها بحزمة من القرارات الحكومية التي يفترض أنها لم تصدر إلا بعدما استشعرت الحكومة معاناة المواطن حقاً وبعدما قام لذلك خبراؤها بإجراء الدراسات الاقتصادية المستفيضة وتقدموا بالحلول السليمة التي رأوا أنها تعالج المشكلة؟ وهل تقدم الحكومة على حرمان مواطنيها الذين يئنون تحت وطأة المعاناة من رحمة قراراتها المنقذة ومن وصفة العلاج الناجعة لمجرد أن مجموعة من الناس، صغيرة كانت أو كبيرة، زايدت هنا أو هناك؟!إن صدق هذا الخبر المخجل حقاً بأن الحكومة قد أجلت بالفعل قرارات رفع المعاناة، على حد تعبير "السياسية"، بسبب المزايدات، فإن هذا يكشف عن أن الحكومة تمارس المزايدات بنفسها قبل غيرها، لأنها حين تعلق قرارات مثل هذه رداً على المزايدات فهذا نوع من المزايدات بحد ذاته. كما أن الأمر في الوقت نفسه يكشف أنها غير صادقة في توجهها لرفع المعاناة عن المواطنين لأنه إن كانت القرارات قد استندت إلى رأي اقتصادي علمي متخصص فتأجيلها وعدم المباشرة بتفعيلها، لأي سبب كان، هو من قبيل المشاركة في تعميق المعاناة، اللهم إلا إذا كانت في حقيقتها ليست سوى قرارات سياسية من الأساس، ولم يكن المراد منها سوى أن تكون ورقة أخرى من ضمن عشرات الأوراق المتطايرة في هذه الزوابع والعبث السياسي الذي لا يتوقف!أود أن ارتقي بحكومتنا عن أن تكون جزءاً من هذه اللعبة السمجة، ولذلك أرى أن من الواجب عليها أن تصرح بعدم صحة اتهامها بأنها بالفعل قد أجلت ما يسمى بقرارات رفع المعاناة بسبب المزايدات، وأن توضح أن قراراتها كانت دائماً وأبداً قرارات مدروسة وصادرة في وقتها الصحيح المناسب دون إملاءات ولا استجابة لضغوطات وبعيداً عن كل المزايدات. أود ذلك، ولكن لعلي أحلم!
مقالات
وهل أتاك خبر المزايدات؟
27-09-2012