متى تصبح الانتخابات ساقطة سياسياً؟
المعركة الانتخابية القادمة مختلفة عن سابقاتها، فهي ليست حول من سيفوز أو من سيخسر، ولكنها ستكون حول مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها، انطلاقاً من أنها ستكون دليلاً رقمياً على الموقف الشعبي تجاه تعديل قانون الانتخاب، فالمسيرات والتجمعات هي مؤشرات على ذلك؛ ولكنها ليست أدلة قطعية على الموقف الشعبي. القانون الكويتي لا يحدد نسبة للمشاركة الانتخابية، فمهما تدنت نسبة المشاركة فإن الانتخابات تبقى صحيحة قانوناً، وهي مسألة يفترض أن يلتفت إليها المشرع مستقبلاً، لكي يصبح البرلمان ممثلاً حقيقياً للشعب.
وحتى يتم إجراء تعديل على قانون الانتخاب بهذا الاتجاه فإن نسبة المشاركة تبقى رسالة سياسية، وبقراءة سياسية للانتخابات الكويتية من 1963 حتى 2012 وجدنا أن النسبة ومعطياتها تتغير حسب قانون الانتخاب، كيف؟ في نظام الدوائر العشر والخمسة مقاعد الذي امتد من 1963 حتى 1975، وإذا استبعدنا انتخابات 1963 لعدم توافر أرقام للمقترعين، واستخدمنا انتخابات 1967 (66٪)، و1971 (50٪)، و1975 (60٪) كقاعدة للقياس وجدنا نسبة المشاركة في إطار الـ60٪، أما انخفاض انتخابات 1971 فتفسيره يعود لمقاطعة من أحد فصائل التيار الوطني. أما في الانتخابات التالية، أي من 1981 حتى 2006 التي أجريت بعد تعديل قانون الانتخاب على أساس 25 دائرة ومقعدين لكل دائرة، وجدنا نسبة المشاركة تقفز إلى الأعلى إلى نسب الثمانينيات، ولم يكن استثناء لتلك القاعدة إلا انتخابات المجلس الوطني، والتي تم تنظيم حملة مقاطعة لها نجحت بشكل كبير، حيث بلغت ما بين 38 إلى 40٪.وما إن تغير قانون الانتخاب مرة أخرى ليصبح على أساس خمس دوائر وعشرة مقاعد وأربعة أصوات، وإدماج المرأة في العملية الانتخابية حتى وجدنا نسبة المشاركة تنخفض مرة أخرى لتصبح في حدود الـ60٪، ولا أقول الستينيات، حيث إن الانتخابات القادمة التي ستتم وفق تعديل على قانون الانتخاب الذي تم بمرسوم ضرورة تعتبر بداية لدورة في نظام جديد للانتخابات، ومن غير الملائم منهجياً مقارنتها بأي انتخابات أخرى. وبالتالي فإننا في هذه الحالة نعود إلى الأصل المعمول به في المعايير الانتخابية، وهو أنه في حالة تدني نسبة المشاركة عن الـ50٪ فإن ذلك يلقي بالكثير من الشكوك حول المشروعية السياسية للانتخابات.