لم يثر تصريح مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي أطلقه قبل أيام قليلة ووجه فيه تأنيباً قاسياً إلى قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، لأنه "لم يتمكن حتى الآن من تدمير الثورة السورية"، الاهتمام الذي تمليه خطورة هذا التصريح، إذ لا أكثر من هذا وضوحاً على أن إيران تتدخل تدخلاً سافراً في شؤون دولة عربية، وعلى أن الحرب المحتدمة في هذه الدولة هي حربها كما قال، ومرات عدة، الولي الفقيه نفسه. والسؤال هنا هو: لماذا يا ترى لا تتدخل الجامعة العربية، المستمرة منذ انفجار هذه الأحداث الدامية في سورية في ندب حظها العاثر، وتثير قضية ضد إيران في الأمم المتحدة لتدخلها السافر بالسلاح والأموال والمقاتلين في الشؤون الداخلية لدولة عضو مؤسس في هذه المنظمة الدولية؟ ولماذا يا ترى لا يبادر العرب الذين يوجعهم وجع الشعب السوري إلى التهديد، على الأقل، بقطع علاقات دولهم بالدولة الإيرانية، ما لم تبادر إلى وقف تدخلاتها هذه... ؟! هناك تآمر إيراني غدا مكشوفاً ومعروفاً، وأعلنه الرئيس اليمني عبدالهادي منصور خلال وجوده في الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهناك هيمنة إيرانية، باعتراف الجنرال قاسم سليماني نفسه، على كل صغيرة وكبيرة في العراق، ثم وقبل أيام قليلة كان خامنئي قد أعلن من موقعه القيادي الأول أنه أمر بتجميد أنشطة فيلق القدس في إفريقيا وأميركا اللاتينية، وتوجيه هذه الأنشطة إلى التركيز على "الدول المجاورة" التي هي دول الخليج العربي والدول العربية المحاددة لسورية والمقصود هنا هو الأردن ولبنان. هل يوجد بعد كل هذا الوضوح وضوح؟ وهل سينتظر العرب إلى أن يصبحوا يتلقون تعليمات ما يجوز ولا يجوز من قاسم سليماني، الذي يتعامل مع العراق وكأنه حديقة خلفية لإيران، والذي لا يستطيع أي مسؤول عراقي أن يرفع رأسه أمامه من رئيس الوزراء نوري المالكي إلى رئيس الجمهورية جلال الطالباني، وإلى أصغر مسؤول في هذه الدولة التي من المفترض أنها مستقلة... ؟! وللإيضاح والمزيد من الإيضاح فإن المشكلة مع إيران من قبلنا ليست مشكلة طائفية، فالمذهب الجعفري الإثني عشري محترم ومعترف به من أئمة المذهب السني الأربعة، وكذلك فإن المعروف أن الشعب العربي بغالبيته أيّد وساند الثورة الإيرانية قبل وبعد انتصارها في 1979، وأن المثقفين العرب، إن ليس كلهم فبغالبيتهم، قد وقفوا في البدايات على الأقل ضد الحرب التي شنها صدام حسين على إيران، والمعروف أيضاً أن العديد من المراجع الشيعية العليا، ومن بينهم حسين منتظري ومحمد شمس الدين و(أبوالقاسم الخوئي)، رحمهم الله جميعاً، قد اعترضوا على جوانب كثيرة في مسيرة الثورة الخمينية، واعترضوا على مسألة "ولاية الفقيه"، وهذا هو الآن موقف آية الله العظمى علي السيستاني، أدام الله ظله.
Ad