صورة واحدة لا تكفي
إن لم يكن الحب حليفنا، فليس ضرورة أن يكون الكُره وليفنا، إن لم يستطع الحب أن يكون طريقا تسير به قلوبنا، فهذا لا يعني أن تكون البغضاء مصير خطواتنا، العلاقات الإنسانية كثيرة ومتنوعة تتعدى المحبة والعداء، فإن فشلت إحداها أن تكون على مقاس قلوبنا معا، فلنجرّب علاقة إنسانية على مقاس مشاعرنا وأحاسيسنا وتستوعب اختلافاتنا، إن لم نفلح بزراعة الورد معا، فليس وحده الشوك الذي يصلح للنماء في مواسمنا، وإذا كنا لا نجيد صناعة قوس قزح، فمن الحماقة أن نعتقد أن الظلام هو صناعتنا الفريدة، حينما نفشل في تشجير أرض الحب في ما بيننا فلا يصح أن نفرش تلك الأرض بالجمر الملتهب.العلاقات الإنسانية قابلة للتجريب وخاضعة للخطأ والصواب، فإذا ما اعتقدنا أن شخصا ما هو الشريك المناسب لعلاقة ما، فذلك لا يعني بالضرورة صحة اعتقادنا، كما أن ذلك لا يعطينا الحق في عقاب ذلك الشخص لأن اعتقادنا لم تثبت صحته، الكره ليس بديلا للحب، عندما تفشل علاقة الحب فلنجرب علاقة أخرى مع ذات الشخص، لنتجاوز خيبتنا حين يحدث الفشل، لندع أمنياتنا التي تناهبتها الريح في ذمة الريح، ليس من الضروري أن نجري خلف الريح شاهرين أسلحتنا البيضاء والشرر يتطاير من أعيننا متوعدين مهددين بقطع عنق الريح التي سرقت أمنياتنا، إن ذلك لن يجدي نفعا لقلوبنا الغضة، ولن يعود علينا إلاّ بمزيد من الألم، عندما تتبخر أحلام عواطفنا، فلنرجُ أن تصعد إلى السماء لتتشكل غيما يمطر شكلا آخر لعلاقة تُنبت الزهر في ما بيننا، لماذا لا تأخذ العلاقة شكلا كالصداقة مثلا عندما يفشل الحب؟!
يشكّك الكثير منا في إمكانية تحول الحب إلى الصداقة، وهذا في اعتقادي تشكيك ناتج عن الرفض للفكرة ذاتها أكثر من أنه حقيقة لا تقبل الجدل، وأمر صعب الحدوث، فتحول الحب إلى صداقة ممكن، وقد تتخذ العلاقة شكلا أقل من الصداقة بكثير ولكن ليس مطلوبا منا أن نجنح بها إلى العداء.الحب ما هو إلا شكل من أشكال العلاقات الإنسانية، فلا يجب أن تتوقف حياتنا مع شخص آخر على هذا الشكل وأن تكون البغضاء هي الحل الوحيد المتاح.فالحب ليس إلا بروازا لصورة تجمع شخصان معا، فإذا لم يكن البرواز صالحا لتلك الصورة، فليس من المنطقي أن نمزّق الصورة، بل أن نغيّر البرواز، الحياة جميلة أكثر مما نظن أحيانا، ومن صور جمالها أنها تتسع لأنماط عديدة ومتنوعة من المحبة بين الناس وصور كثيرة لها، وما علينا سوى البحث عما يناسبنا من هذه الصور للعيش معا، فلا نختصر الحب بصورة واحدة فقط، صورة الحب التي نتمناها مع شخص ما ليست بالضرورة الصورة التي تناسبنا مع ذلك الشخص، فلنبحث عن صورة أخرى تروي ظمأ مشاعرنا معه، وقد نجد بها ما لن نجده في صورة الحب التي كنا نريد.