في تعديله للمادة الأولى من قانون الانتخاب ربط المشرع الكويتي السماح بتصويت وترشيح المرأة الكويتية بالتزامها بالضوابط الشرعية دون أن يحدد تعريفا لماهية الضوابط الشرعية وما المقصود بها، ورفضت المحكمة الدستورية في عام 2008 أحد الطعون الانتخابية بحق النائبتين أسيل العوضي ورولا دشتي ببطلان عضويتهما لعدم تقيدهما بالضوابط الشرعية الواردة في الشريعة الإسلامية، والتي نص عليها القانون سواء في الانتخاب أو الترشيح، وكان رد المحكمة الدستورية أن لفظ الضوابط الشرعية هو لفظ عام لا يمكن معه للمحكمة الاستفادة من النص المخاطب به للأفراد وبالتالي رأت المحكمة تعطيل ذلك النص بشكله الحالي.

Ad

جاء مجلس الأمة الأسبوع الماضي يكرر ذات الخطأ ليضع نصوصا ذات طبيعة عامة تتنافى تماما وطبيعة النصوص الجزائية التي تستلزم الوضوح في المعنى والقصد التشريعي فيها دون أن يركن للقاضي مهمة البحث في المقاصد التي يريدها على الأقل في المذكرة الإيضاحية للقانون، ومثل هذا الغموض تجلى بالقانون الذي أصدره مجلس الأمة الأسبوع الماضي بإعدام المسيء للذات الإلهية أو الرسول أو القرآن أو للأنبياء أو لزوجات النبي علنا إذا رفض التوبة دون أن يحدد المشرع الكويتي ونحن أمام قانون وضعي ما معنى التوبة الواجب على المتهم العمل بها أو حتى معنى الاستتابة التي أوردها المشرع في ذات المادة من أنه يتعين على القاضي أن يوجهها الى المتهم؟ ولا حتى موعد عرض تلك الاستتابة على المتهم؟! وهي أمور في شدة الغموض وستدخل المحاكم المعنية في التطبيق في مشكلة في كيفية معرفة المقاصد التشريعية فيها.

ليست المرة الأولى التي يتعجل المشرع الكويتي في إصدار تشريعات كتشريع الإعدام للمسيء للذات الإلهية أو الرسول أو القرآن الذي أصدره الأسبوع الماضي فقد أصدر قبله العديد من التشريعات المتضاربة والمتناقضة والقاصرة والتي تعاني اليوم المحاكم من سوء تطبيقها كقوانين المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع وحتى ما سمي بقانون التشبه بالجنس الآخر وأخيرا إضافة المادتين 111 مكرر و111 مكرر أ بقانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 بشأن إعدام المسيء للمحاذير الواردة في المادتين الاولى والثانية من التعديل.

مشكلة المشرع الكويتي ولجانه التي تتولى صياغة التشريع أنها بعيدة عما تقوم المحاكم الكويتية بتطبيقه وكيفية التعاطي معه، والاستفادة من أحكام المحكمة الدستورية التي انتهت الى عدم دستورية بعض القوانين كالتجمعات وإحدى مواد قانون الجزاء بشأن الاتفاق الجنائي والمادة الخامسة من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية وقانون الرياضة وغيرها وذلك حتى يتسنى للمشرع الكويتي أن يعي المحاذير التي قد تؤدي بالقضاء بعدم دستورية القوانين أو لعدم إمكانية التطبيق بسبب الغموض الذي شاب النصوص وإلا فستكون تلك التشريعات مهددة بالإلغاء من قبل المحكمة الدستورية.