حدود المبالغة في الرهان على أفول نجم الاقتصاد الصيني
أظهر التاريخ أن الدول
لا تنمو في العادة بمعدلات سريعة إلى الأبد. وعند نقطة معينة، فإن دخل الفرد عندما يصل إلى نحو 17.000 دولار يبدأ النمو بشكل وسطي بالانخفاض بنسبة تقارب 2 في المئة سنوياً حيث تعمل الأجور الأعلى على الحد من قدرة الدولة على المنافسة مع اقتصادات أخرى.
لا تنمو في العادة بمعدلات سريعة إلى الأبد. وعند نقطة معينة، فإن دخل الفرد عندما يصل إلى نحو 17.000 دولار يبدأ النمو بشكل وسطي بالانخفاض بنسبة تقارب 2 في المئة سنوياً حيث تعمل الأجور الأعلى على الحد من قدرة الدولة على المنافسة مع اقتصادات أخرى.
مع تباطؤ الاقتصاد الصيني، تساءل العديد من الناس عما اذا كان النمو القياسي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد اقترب من بداية النهاية. وخلال الربع الأخير ارتفع الناتج المحلي الاجمالي في الصين بنسبة 7.4 في المئة وهو معدل صحي غير أنه الربع السابع على التوالي من الهبوط، وذلك وفقاً لمعلومات المكتب الوطني للإحصاء في الأسبوع الماضي. وقد توقع خبراء الاقتصاد على نطاق واسع هذا التحول ولكن يوجد سبب للاعتقاد بأن التباطؤ لن بكون دائماً أو على الأقل ليس حاداً كما يظنه البعض.ويتسم هذا الموضوع بأهمية خاصة اليوم وذلك في ضوء تأثير صحة الاقتصاد الصيني على النمو في الولايات المتحدة وبقية دول العالم. وقد شهدنا تلك الصلة خلال المناظرة الثالثة والأخيرة يوم الاثنين الفائت بين مرشحي الرئاسة الأميركية. ولم يتحقق التقريع التام للصين الذي توقعه معظم الناس وربما أدرك الرئيس اوباما والحاكم رومني أن تحسن الاقتصاد في الصين قد يفيد أميركا بقدر يفوق ما يلحق بها من ضرر.
وربما بلغ نمو الصين ذروته في المدن الأكبر حجماً مثل شنغهاي وبكين ولكن ثمة مساحة واسعة للتنمية في المناطق الريفية في تلك الدولة وذلك بحسب اثنين من الاقتصاديين في مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو. وفي تقرير نشر خلال الأسبوع الماضي طرح اسرائيل مالكن ومارك سبيغل قضية مثيرة للاهتمام حول سبب توجه المستثمرين بقوة نحو الصين.أسباب الانفتاحأظهر التاريخ أن الدول لا تنمو في العادة بمعدلات سريعة الى الأبد. وعند نقطة معينة، كما تشير الدراسات، فإن دخل الفرد عندما يصل الى حوالي 17.000 دولار يبدأ النمو بشكل وسطي بالانخفاض بنسبة تقارب 2 في المئة سنوياً حيث تعمل الأجور الأعلى على الحد من قدرة الدولة على المنافسة مع اقتصادات اخرى. ولنفكر في الولايات المتحدة التي فقدت عدداً لا يحصى من وظائف التصنيع الى آسيا وأميركا اللاتينية وأماكن اخرى حيث الأجور أقل بقدر كبير. ومنذ سنة 2011 وصل دخل الفرد في الولايات المتحدة الى 48.442 دولارا فيما بلغ 5.445 دولارات في الصين وسوف يدنو عما قريب من عتبة الـ17.000 دولار التي يقول خبراء الاقتصاد إن النمو وصل الى ذروته.غير أن قصة النمو في الصين برهنت على أنها مختلفة تماماً. وكما أشار مالكن وسبيغل فقد شهدت نمواً سريعاً طوال أكثر من 30 سنة – وتجاوزت بقدر كبير الاقتصادات الاخرى التي لا يستمر النمو القياسي بشكل متوسط لأكثر من عشر سنوات.والأكثر من ذلك فإن التنمية في الصين غير متساوية بصورة عميقة. ولذلك وفي السنوات المقبلة يمكن للنمو في الأجزاء الأقل تطوراً من البلاد أن يتحسن فيما تضعف التنمية في المدن الأكبر حجماً. وبناء على الطريقة التي توسعت من خلالها اقتصادات آسيوية اخرى عبر السنين وضع الباحثون نموذجاً حول كيفية عمل ذلك: حيث يمكن للأقاليم الأكثر تطوراً في الصين أن تتباطأ الى 5.5 في المئة في نهاية هذا العقد فإن النمو في المناطق الأقل تطوراً في البلاد يتوقع أن يرتفع الى 7.5 في المئة، أي مايقارب معدل الـ8 في المئة الذي يقول خبراء الاقتصاد إن الصين في حاجة اليه من أجل الحفاظ على نمو الوظائف والاستقرار الاجتماعي. وفيما قد ينجح هذا كله يشير الباحثون الى تحذير في هذا الصدد. فقد كان معظم النمو الذي حققته الصين يرجع الى التصنيع والصناعات الاخرى المدفوعة بالصادرات ونتيجة لذلك تطورت المناطق الساحلية بصورة عامة بشكل أسرع كثيراً فيما تخلفت المناطق الداخلية في البلاد. وكي تتمكن تلك المناطق من تحقيق نمو أسرع فإنها في حاجة الى نوع من البنية التحتية والى الوصول الى أسواق الشحن والتصدير التي تتمتع بها المناطق الساحلية.إعادة توازن الاقتصادوعلى الرغم من ذلك فإن الجانب الأكثر أهمية يتمثل في كون مستقبل الصين سوف يعتمد الى حد كبير على مدى نجاح حكومة بكين في تخفيف التباين في الدخل من خلال تزويد المستهلكين بمزيد من المال وتقليل مخصصات الاستثمار والتصدير. وقد تحدث المسؤولون عن اعادة توازن الاقتصاد لسنوات. وفيما تتم جهود الحكومة لتحسين الإنفاق على كل شيء من الرعاية الصحية الى التعليم يستمر الفارق بين الغني والفقير وقد أسهم ذلك في تراجع وتيرة النمو.ويسيطر الأشخاص الأكثر ثراء في الصين ويمثلون 10 في المئة على 57 في المئة من الدخل العائلي وذلك بحسب لي غان وهو بروفسور في جامعة "اي أند ام" في تكساس، وهو يتوقع أن يتباطأ الاقتصاد في كل المناطق خلال العقد المقبل، ونظراً لأن العائلات الغنية استهلكت وفق ما تشتهي من معدلات فيما قيدت العائلات الفقيرة بدخلها المتدني يجب ألا يتوقع أحد تحقيق استهلاك داخلي سريع النمو قبل حدوث تغيير جذري في توزيع الدخل.ويمكن لتلك التغييرات أن تشمل اجراءات مثل منح العمال المهاجرين سكناً حضرياً. كما أن النظام القاسي في البلاد يحرمهم من نيل معونات الرعاية الصحية والتعليم في المدن التي ساعدوا على بنائها وتنظيفها.ويتعين عدم استبعاد امكانية استمرار النمو في الصين. والسؤال هو: هل تقوم بدفعه الشريحة الواسعة من العائلات المتدنية والمتوسطة الدخل؟(مجلة فورتشن)