إزاء الوضع السيئ الذي تعانيه القوى السياسية فإن المؤمل أن تقود القوى الشبابية الداعية إلى الإصلاح السياسي والدستوري، بعد ترتيب وضعها الداخلي، عملية توافق وطني بين القوى السياسية والشبابية يترتب عليها التفاف شعبي حول قضايا أو مطالب مفصلية محددة، تؤدي سرعة تنفيذها إلى إحداث نقلة نوعية في تطورنا الديمقراطي.

Ad

شيء جيد، بل مطلوب، أن يطرح أكثر من طرف سياسي "رؤيته" لكيفية الخروج من الأزمة السياسية وتطوير مجتمعنا، لكن المشكلة في ما طرح حتى الآن، مع استثناءات محدودة جدا بالطبع، هي أنه لا يخرج عما يتداول دائما خاصة أثناء الانتخابات من كلام إنشائي مرسل.

وهو عادة ما يفتقد إلى شيئين مهمين: الأول هو التشخيص السليم للأزمة، حيث إنه من الملاحظ على أغلب ما يطرح من آراء غياب التحديد الدقيق للسبب أو الأسباب التي أوصلتنا إلى الوضع السيئ الحالي، بل إن التركيز يتم عادة على بعض مظاهر الأزمة السياسية التي لا تعدّ ولا تحصى، لكنها قطعا لن تنتهي ما لم تعالج أسبابها، وهو الأمر الذي رأيناه بشكل واضح جدا خلال السنوات القليلة الماضية. أما الشيء الثاني المفقود وبافتراض التشخيص السليم لأسباب الأزمة، فهو الآلية أو الآليات التي ستطبق من خلالها هذه المطالب، أي الإجابة عن السؤال المحوري، كيف؟ إذ، وكما هو معروف، سبق أن وقّع أكثر من نائب سابق على وثائق تحتوي على مطالب كثيرة مثل "وثيقة الكويت، رؤية شبابية 2012"، وغيرها من الوثائق لكنها لم ترَ طريقها للتنفيذ نتيجة لغياب الآليات اللازمة للتنفيذ، خاصة أن الحكومة لا تشكل من أغلبية حزبية برلمانية لها برنامج محدد انتخبها الناس بناءً عليه، وذلك لأن نظامنا الدستوري لا يأخذ بالنظام البرلماني الكامل. بالطبع إن المقصود بالأطراف السياسية هنا هو القوى الداعية إلى الإصلاح السياسي والدستوري، أما الجماعات الأخرى العاملة بالشأن السياسي والتي لا تؤمن بالدولة الدستورية الديمقراطية لكنها تطرح نفسها كقوى إصلاحية، فلا يتوقع منها أن تقدم رؤية إصلاحية لأنها لا تملكها أصلا، وفاقد الشيء لا يعطيه، ناهيكم عن أن وجودها في الساحة السياسية يعتبر استثناء نتيجة لغياب التنظيم المؤسسي للعمل السياسي على أسس مدنية ديمقراطية.

إزاء هذا الوضع السيئ الذي تعانيه القوى السياسية فإن المؤمل أن تقود القوى الشبابية الداعية إلى الإصلاح السياسي والدستوري، بعد ترتيب وضعها الداخلي، عملية توافق وطني بين القوى السياسية والشبابية يترتب عليها التفاف شعبي حول قضايا أو مطالب مفصلية محددة، تؤدي سرعة تنفيذها إلى إحداث نقلة نوعية في تطورنا الديمقراطي، بحيث يمكن البناء عليها لاحقا لإنجاز الإصلاح السياسي والدستوري الشامل؛ لأن الكلام الإنشائي المرسل حول الإصلاح والتجديد والتطوير سيبقي من دون فائدة ما لم يحوّل إلى خطوات تنفيذية خلال مدة زمنية محددة. فهل تبادر القوى الشبابية؟