وضعت الحكومة بتشكيلتها الجديدة مجلس الأمة امام اول استحقاق بشأن طبيعة العلاقة المستقبلية بين السلطتين، بعد الملاحظات التي اثارها عدد من النواب ازاء تركيبة الحكومة.
واصبح نواب مجلس "الصوت الواحد" امام مفترق طرق: اما المواجهة المبكرة مع الحكومة او اظهار ارتباطهم بها وتجاوز الملاحظات التي اثاروها حول عدد من الوزراء.ورغم ان المجلس الحالي اعتمد نوابه في الوصول الى قبة البرلمان على انتقاد سياسة الاغلبية السابقة ورفض التأزيم والاستجوابات، فإن بعض اعضائه قبل ادائهم القسم الدستوري اتبعوا الاسلوب نفسه الذي كانوا يرفضونه في السابق، بالتلويح بأداءة المساءلة السياسية والتدخل في تشكيل الحكومة، عبر وضع فيتو على عودة بعض الوزراء.غير ان عدم استجابه الحكومة للضغوط الكثيرة التي مورست عليها لاقصاء بعض الوزراء وفرض اسماء معينة يشير الى انها ستتبع سياسة جديدة في التعاطي مع المجلس الحالي مستندة الى المادة 50 من الدستور بأن "يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور. ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور".ولعل اول استحقاق ستواجهه السلطتان بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الاول وبدء مباشرة المجلس لاعماله، هو كيفية التعاطي مع الاستجواب الصريح الذي اعلن النائب سعدون حماد تقديمه الى وزير النفط هاني حسين بشأن صفقة "مصفاة فيتنام" في حال عودته الى الحكومة. وبما ان حسين عاد الى منصبه السابق وزيرا للنفط فإن حماد امام خيارين: اما تقديم الاستجواب او البحث عن مخرج مناسب لتجاوز الحرج الذي وضع نفسه فيه.ويعتبر استجواب حماد بمنزلة سيناريو متكرر لعمل المجلس المبطل الذي شهد اول واسرع استجواب اذ قدم بعد اسبوع من افتتاحه، من قبل النائب صالح عاشور الى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك في 6 مارس الماضي.غير ان عاشور هذه المرة يتبنى سياسة التهدئة، اذ دعا في أول تصريح له بعد اعلان نتائج انتخابات المجلس الحالي الأعضاء الى تجنب مواطن التأزيم والاستجوابات المبكرة، ومنح الأولوية للقضايا التي تعبر عن مطالب المجتمع وواقعه.ولم تخل تصريحات النواب الجدد في المجلس الحالي، حتى قبل اعلان الوزارة الجديدة، من التلميح والتصريح باستخدام المساءلة السياسية لرئيس الوزراء او للوزراء، مستندين بذلك الى حقهم في المادة 100 من الدستور التي تنص على ان "لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم".وارتفعت وتيرة هذه التهديدات بعد اعلان تشكيل الحكومة امس الاول لتكشف عن عودة المشهد التأزيمي من الجديد وتنذر بعلاقة متوترة بين السلطتين قد تدفع الى حل المجلس والعودة الى صناديق الاقتراع مجددا.
برلمانيات
تقرير برلماني: الحكومة والمجلس... مواجهة أم تهدئة؟
13-12-2012