أقام ملتقى الثلاثاء أمس الأول أمسية شعرية لثلاثة شعراء مميزين هم كريم راهي، وهدى الدغفق، ومحمد النبهان، تناولوا خلالها القصيدة النثرية بأسلوب حديث ومعاصر، أثرى المشهد الشعري، بتجارب إبداعية خاصة، في الحب والألم والغربة، وقدم الشعراءَ القاصةُ سوزان خواتمي.
في مستهل الأمسية قدمت خواتمي الشاعر كريم راهي وهو عراقي الجنسية، خريج كلية الهندسة، بدأ الكتابة والنشر في أواخر السبعينيات، دخل السجن السياسي في عام 1983 محكوماً بست سنوات لحيازة كتب ممنوعة، وأفرج عنه عام 1986، صدرت له مجموعة شعرية أولى منها ساعي البريد، والواحة، وربيع هذا العام، عن دار نور الإماراتية، والتي تضمنت جميع الأحداث التي عصفت بحياة الشاعر خلال نصف قرن مضى.بدأ راهي بقراءة نصه الأول الذي جاء بعنوان « في متر أمي- البحارة والغجر»:أعثر في صندوق الأغاني القديم/ على قيثارة للغناءعليها طرة صانع مات من حرائق السفن/ قيثارة، أوتارها، من حبال الصواري مجدولة ومن صخب المحار/ كلما مرت أصابع العازف عليهاضج نحيب أمهات الجنود/ الذين تركوا على الساحلالأحذية الطويلة والمجاذيف/ أعثر ثم على غجر يحسنونمنذ فجر التاريخ ضرب المعازف/ في نزل استراحة الخيولوراقصة في الأربعين، تجيد قول: آه، وطعن الخواطر بالسكاكين وقصيدة أخرى بعنوان « ربع قرن» يسرد خلالها الشاعر تجربة شخصية ومأساة عاشها خلال مشاركته قسراً في الحرب العراقية على إيران يقول فيها:أتقن في سيري / تقليد خطى الجندي في حقل الألغاميسعى بجوده إلى البرك الصغيرة/ حيث يطفو سمك مقتول بالقنابلوهو يزيح عن طريقه الذين/ أوعروا الدرب بالشقائقأجيد الآن بعد ربع قرن من الحرب/ السير بتلك المهارةلأجيء بالماء، أمي، والشقائق والسمك.لهفة جديدةثم قرأت الشاعرة هدى الدغفق بعض نصوصها، وهي شاعرة سعودية تحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، وعملت في الصحافة الثقافية، وتتعاون حالياً مع صحيفة الوطن، وهي رئيسة اللجنة النسائية في النادي الأدبي في الرياض، ولها ثلاث مجموعات شعرية، الظل إلى الأعلى، ولهفة جديدة، إلى قلبه الم، وغيرها الكثير من القصائد المنشورة في الصحف، ومن ديوان لهفة جديدة قرأت الدغفق:نتفت ريشتيهاالعصفورةناولتها إياهطارتا... يداه جناحان. وسبورتي الجميلة والتي جاء فيها:لم أعد التلميذة الساكنة في كرسيها/ ومازلت أفرمن كل دفتر يشبه دفتر المدرسة/ قبل أن ألبس العباءة...نسجت روحي عباءة لدفتري/ فيه خبأت بذورها.لا أدري بعد/ لماذا تنبت في الصف؟!قصيدتي تشرد بعيني/ في حضرة الدرستتسلق صوت المعلمة/ والجدران والسقفإلى سبورتها البعيدة/ عن سبورتناعيناي تشرقان في خيمة صفنا/ مصباحهما قصيدتي.البطاقة المزورة ثم قدمت خواتمي الشاعر محمد النبهان قائلة: «هل يكفي أن أقول بأنه صاحب بيت طبعاً لا يكفي»، هو شاعر يبحث عن نفسه خارج حدود الجغرافيا، مقيم في البحرين، عمل في الصحافة الثقافية، حاصل على دبلوم في تصميم الغرافيك، ودبلوم في برمجة وتطوير وصيانة مواقع الإنترنت، وهو أحد مؤسسي مجلة أفق الثقافية الإلكترونية، كما أسس دار مسعى في الكويت مع أصدقاء له وهو متفرغ في إدارتها، صدر له «غربة أخرى»، و»دمي حجر على صمت بابك»، والوحيد في ظل نخلة»، و»امرأة من أقصى المدينة»، و»بين مدينتين صغيرتين»، وبعدئذ ألقى الشاعر مجموعة من قصائده نذكر منها:في صباح جمعة ملول/ يأكل في صمته، صمته وكسل ألا متناهيكأنما مزور عجوز/ سافر في عطلة للريفيده الممهورة بالرشاقة والرعشة الرهيفة/ تتوسد الفأس والأصدقاء القدامىفي صباح جمعة ملول/ أقاوم النوم بالنومألقي على طرف السرير/ رواية الرجل العجوزوأستعد لطيفك/ ربما في آخر حلمك يعود العجوز إلى عزلتهفي صباح جمعة ملول كهذا/ لم يلمح العجوز المزور بلل ساقيكلم ينتبه لرائحة الصابون في جسدك/ حين استنشق ذاكرة ونامتلتها قصيدة متعددة الصور تحكي واقع رجل عجوز في الغربة جاء فيها: تترك دولاريك المعتادين على الطاولة/ قدح القهوة الفارغوورقة نسيتها في بنطالك منذ أسبوعين/ كعائد من الحربنقطة التفتيش في مفترق الطريق/ كأنما نقطة التفتيش على حافة الغزوالعساكر يتشابهون لون قمصانهم، البساطير، وضعية السلاح...ذعرهم وذعرك منهم/ هذا الخوف المتبادل بين الفريسة والوحشكنت تفكر بالبطاقة المزورة بلونها الوردي/ البطاقة الوحيدة في صندوق الهويات..وكان يفكر في البطاقة الوردية/ يقرأ تفاصيل الاسم وخلفياته الإثنية والعرقيةتستر خوفك في انتظار اللامتوقع / ويستر خوفه ويستر لا متوقعه بانتظار خطأ في التقادير قبل الفسح.
توابل - ثقافات
قصائد تُناجي الحب والألم في ملتقى الثلاثاء
29-11-2012