داء ترقق العظام... المخاطر والعلاجات
أصدر المؤتمر حول الروماتيزم الذي عقد في باريس أخيراً، توصيات جديدة في ما يتعلّق بهذا الداء، من شأنها أن تعالج، ببساطتها ووضوحها، النساء اللواتي يحتجنَ فعلاً إلى علاج بصورة أفضل. نظرة إلى أسئلة غالبية النساء في هذا المجال والإجابات عنها.هل نحن معرضون للإصابة بداء ترقق العظام مع التقدم في السن؟
تخفّ كثافة العظام مع التقدم في السن، لكن ليس إلى حدّ الإصابة بترقق العظام. يتّسم هذا الداء بانخفاض ملحوظ في كثافة العظام مصحوب باضطرابات في هندسة العظام الداخلية. بالتالي، تصبح العظام أكثر هشاشة ومعرضة أكثر للكسور. ومع بلوغ سن الخمسين، يصيب هذا الداء حوالى 15% من الرجال و40% من النساء حول العالم.أحد أسباب ترقق العظام: الهرمونات النسائية؟يعتبر النقص الهرموني الذي يصيب النساء بعد بلوغ سن اليأس عاملاً خطراً، إلا أن تأثيره مختلف، إذ قد يخسر بعض النساء حوالى 1.2% من الكتلة العظمية كل سنة، فيما تفقد نساء أخريات حوالى 15% من تلك الكتلة. كذلك، قد يخسر بعض النساء حوالى 3% من الكتلة العظمية كل سنة، لمدة 10 سنوات، ومن ثم يستقر هذا المعدل. لكن، تخفّ نسبة الإصابة بترقق العظام نتيجة تراجع كثافة العظام عند النساء اللواتي اكتسبن في سن صغيرة كثافة عظام جيدة. وتتشكل هذه الكثافة في سنوات الدورة الشهرية الأولى خصوصاً (11 – 12 سنة)، لذا يجب استغلال هذه الفترة وممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحيح لتقوية العظام.هل مشتقات الحليب غذاء ضروري لتقوية العظام؟تتألف العظام بشكل رئيس من الكالسيوم والفوسفات، لذلك لن تتجدّد عظامنا بصورة صحيحة في حال النقص في الكالسيوم. فما هي كمية الكالسيوم الضرورية لتجدد العظام؟ في حين يختلف العلماء على هذه الإجابة، يجمعون على أنّ هذه الكمية تتفاوت من شخص إلى آخر. إلا أن الأطباء يوصون بتناول 1200 ملغ من الكالسيوم يومياً، قد تكون 800 ملغ من الكالسيوم كافية بالنسبة إلى عدد كبير من الأشخاص. بصورة عملية، تساوي هذه الكمية ثلاثة أصناف من مشتقات الحليب يومياً، أو صنفين فحسب بالإضافة إلى مياه معدنية غنية بالكالسيوم.هل من المفيد التخفيف من الأطعمة المحمِّضة؟نظرياً، نعم، تمتصّ الأطعمة المحمّضة للبول (البروتينات الحيوانية) الكالسيوم، إلا أنه ما من دراسة تشير إلى أن تلك الأطعمة تزيد من نسبة الإصابة بداء ترقق العظام. كذلك يساهم تناول البروتينات في زيادة الكتلة العظمية، لذلك ينصح الأطباء الأشخاص المتقدمين في السن بتناول اللحوم بكميات كافية.هل رياضة المشي وحدها كافية؟بالنسبة إلى امرأة في سن السبعين، يكفي المشي نصف ساعة ثلاث مرات في الأسبوع. أما للنساء اللواتي يقلّ عمرهنّ عن السبعين، فيوصى بالمشي كل يوم وبممارسة رياضات تتطلّب قفزاً خفيفاً مثل الركض وكرة المضرب لأنها تقوّي العظام، لكنّ تقوية العضلات أمر بالغ الأهمية أيضاً، فلا عظام قوية من دون عضلات قوية. أما بالنسبة إلى رياضة السباحة، فهي لا تساعد في مكافحة داء ترقق العظام، بل تساهم في تقوية عضلات الظهر، بالتالي تفادي تقوسه.في أي سن يجب تناول الفيتامين D والكالسيوم؟أثبتت الدراسات أنّ الجسم يحتاج بعد سن الـ65 إلى تناول كمية إضافية من الفيتامين D للحفاظ على عظام سليمة، إلا أنه يفضّل تناوله مع بلوغ سن الخمسين نظراً إلى فوائده الأخرى، لا سيما في تعزيز المناعة. أما بالنسبة إلى الكالسيوم، فليس ضرورياً تناول مكملات غذائية منه، خصوصاً إن كانت المرأة تتبع حمية غذائية تحتوي على كميات كافية من الكالسيوم.كيف يمكننا تقييم حالة عظامنا؟ بقياس طولنا! ففي سنالـ 55 مثلاً ليس غريباً أن نخسر سنتمتراً من طولنا، وهذه إشارة إلى انضغاط بسيط في العمود الفقري. إلا أن الفحص المرجعي هو قياس كثافة العظام الذي يعطي نتيجة T-score أقل من 2,5، ويعني ذلك وجود تخلخل في العظام. كذلك يمكننا الإجابة عن استبيان منظمة الصحة العالمية (FRAX) المتوافر على الإنترنت، والذي يبين صحة عظامنا من عدمها. كذلك، يمكن حقن جرعات في الدم من واسمات إعادة بناء العظم. وإن أصبنا بكسر نتيجة تعثر بسيط، فذلك يعني أن كتلة العظام لدينا في حال سيئة، وغالباً ما يكون ذلك إشارة إلى إصابتنا بداء ترقق العظام.متى يصبح العلاج ضرورياً؟يوصى بالخضوع للعلاج بعد التعرض لكسر نتيجة ترقق العظام سواء في العمود الفقري أم مفصل الفخذ (الورك) أم مفصل اليد، للحدّ من خطر الإصابة بكسر آخر. أما في حال أثبتت الفحوصات الطبية وجود خسارة كبيرة في كتلة العظام، فليس العلاج ضرورياً، ذلك أنّ انخفاض كثافة العظام ليس مؤشراً كافياً لوصف العلاج. إن كانت نتيجة T-score أقل من 2.5، يلجأ الأطباء إلى استبيان FRAX، ثم يقارنون النتيجة بنتيجة الاستبيان الذي أجرته نساء من العمر نفسه أصبن بكسور سابقاً. إن كانت النتيجة تصنف المريضة فوق المعدل، فيحب معالجتها، أما إن كانت دون المعدل فتُتابَع المريضة، مع الأخذ في الاعتبار تاريخ العائلة الصحي.هل من ضرورة لمراجعة طبيب الأسنان قبل تناول أدوية تحتوي على مادة ثنائي الفوسفونات؟أدوية معالجة ترقق العظام التي يوصي بها الأطباء هي تلك التي تحتوي على مادة ثنائي الفوسفونات (كدواء Actonel، Fosamax، ...). ففي حال لم يتقبلها الجهاز الهضمي على شكل حبوب (كالإصابة بالغثيان)، يوصى بتناولها على شكل حقنة تعطى مرة سنوياً. لمزيد من الوقاية، ينصح بمراجعة طبيب الأسنان قبل البدء بالعلاج، إذ كانت لتناول هذه الأدوية آثار جانبية على بعض الأشخاص على مستوى الأسنان. إلا أن هذا الخطر نادر جداً: حالة واحدة من أصل 100 ألف شخص حول العالم تمت معالجتهم لمدة سنة.هل يمكن وصف أدوية أخرى؟يمكن أن يصف الطبيب لمرضى ترقق العظام أدوية تحتوي على مادة الرالوكسيفين Raloxifene (كدواء Evista أو Optruma)، وهي تنتمي إلى فئة أخرى من الأدوية تعرف بـ «مُعدِلات مستقبل الإستروجين الانتقائية»، كونها تأخذ من الاستروجين فوائده (تقوي العظام) من دون سيئاته (ليس لها أي تأثير على الثدي أو الرحم). وتقي مادة الرالوكسيفين من الكسور في العمود الفقري، وقد تضطلع بدور وقائي من مرض سرطان الثدي، إلا أنها لا تُعتبَر علاجاً من الإصابة بسرطان الثدي. في حالات نادرة جداً، يمكن استعمال هرمون الباراثوتمون (Parathotmone) الذي يؤدي دوراً في عملية استقلاب العظم.لماذا أثار Protelos جدلاً؟يعالج هذا الدواء ترقق العظام وقد تداولت وسائل الإعلام آثاره الجانبية عندما تطرقت إلى مسألة دواء Mediator. إلا أن تلك الأدوية معروفة منذ عام 2006، ولم يشهد معدّل وصفها من الأطباء منذ ذلك الحين أي تزايد. يوصف هذا الدواء للمرضى من النساء دون الثمانين عاماً اللواتي لا يتقبّل جهازهن الهضمي أدوية تحتوي على ثنائي الفوسفونات، واللواتي هن أكثر عرضة للإصابة بكسور في العظام. في حال الإصابة بطفح جلدي بسبب الدواء، يجب التوقف عن تناوله فوراً واستشارة الطبيب.كيف نعلم أن العلاج فاعل؟يهدف العلاج إلى الحدّ من كسور العمود الفقري أو مفصل الفخذ للأشخاص في سن الثمانين. ولا ترفع هذه الأدوية نتيجة T-score لفحص كثافة العظام، بل تساعد على تثبيتها. كذلك تساهم هذه الأدوية في تحسين وسمات إعادة بناء العظام بعد ستة أشهر، وفي حال عدم حصول ذلك، يُعاد النظر في فوائد الأدوية التي وصفت. كذلك يوصى بالخضوع لعلاج من ثلاث إلى خمس سنوات، وتكون فاعلية العلاج واضحة في حالات ترقق العظام الشديدة.هل من علاج جديد في المستقبل؟من المنتظر إطلاق مثبط ارتشاف العظم (خسارة كثافة العظام)، وهو مختلف عن الأدوية التي تحتوي على ثنائي الفوسفونات، لكن له المفعول نفسه ولا يتطلب سوى حقنة تحت الجلد كل ستة أشهر. كذلك تم الإعلان عن جسم مضاد أحادي النسيلة (Denosumab)، وتُجرى دراسة حول علاج Odocanatib الذي يرفع كثافة العظام بعد سنتين، ويتم التركيز على جسم مضاد آخر مثبط للجزيئات التي تعرقل نمو العظام.