قد يكون مطلوباً من المستشارة الألمانية السيدة ميركل أن تتجنس بالجنسية الكويتية أو الخليجية حتى تتعلم أصول الكفالة، لكن اصبروا قليلاً، فالكفالة المطلوبة من المستشارة ليست على الطريقة الكويتية الخليجية، بمعنى أنه لا حق لغير الكويتي أو الخليجي في العمل أو الدخول للبلاد من غير ضمان شخصي من كويتي، لا يضمن ابن البلد الأجنبي مالياً، لكنه يضمن عبوديته له وربط مصير الأجنبي العامل بمزاج السيد الخليجي الكويتي، وبالتالي يمكن الاتجار بحياة العامل الأجنبي، وتصبح الجنسية الكويتية مصدر رزق لا ينضب لتجار الإقامات، لا، الكفالة المطلوبة من ميركل هي كفالة دول الأطراف الأوروبية بداية من اليونان، التي تعاني الأمرين من الأزمة الاقتصادية، مروراً بالبرتغال حتى إسبانيا التي تتطلع الآن للكفيل المالي الألماني.
الصورة مرعبة، عبرت عنها جريدة الإيكونومست الرصينة بكاريكاتير مقلق، هو مقلق لمن يقرأ ويعي وليس لجماعات البركة، الذين حكمتهم القدرية الغيبية التي تقول "المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين"، الكاريكاتير يصور اقتصاد العالم كسفينة ضخمة تغرق في مياه البحر، والركاب يستنجدون بالسيدة ميركل بعبارة "نرجوك أن تشغلي ماكينة السفينة"، ثم هناك افتتاحية الجريدة تصور واقع الاقتصاد العالمي، فدول الاتحاد الأوروبي عدا ألمانيا تئن الواحدة تلو الأخرى من الكساد، وإذا نظرنا إلى المعجزة الصينية نجد أنه حتى هذه الدولة العملاقة أخذت معدلات النمو فيها بالتباطؤ، ومثلها الهند تسير على الطريق نفسه وبأسرع من العملاق الصيني، أما الولايات المتحدة وهي تمثل ربع اقتصاد العالم تقريباً، فيكفي متابعة مقالات بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والأستاذ بجامعة برنستون، فهو أخذ يكتب يومياً تقريباً في "نيويورك تايمز" منتقداً ومحذراً بصفة عامة من أوضاع البطالة في السوق الأميركي والوضع العالمي بشكل عام (ملاحظة لبعض ربعنا الكتاب والنواب أصحاب شهادات الدكتوراه من جامعات أي كلام، الذين ينتفخون من حرف الدال حين يسبق أسماءهم في مقالاتهم الصحافية، والذين لم يقدموا بحثاً علمياً واحداً يرقيهم لمرتبة أستاذ مساعد، كروغمان يوقع اسمه في المقال دون أن يسبقه حرف الدال، تعلموا منه قليلاً). من بقي في العالم لم يكتو بشرارة بداية جهنم الكساد الكبير الجديد! هنا في الكويت يظن شعبها ومجلسها وحكومتها أنهم فوق جبل يعصمهم من الطوفان، لم نقرأ أو نطالع كلمة حق واحدة من نواب الشعب والشغب تحذر من سنين العجاف القادمة لا محالة، العكس هو الصحيح، فأجندات النواب على "حطت إيدكم" لم تتغير من "سنين الطواعين"، كلها تعظ عن فساد أصحاب النفوذ من "طبقة التجار" وارتباطاتهم مع سلطة الحكم، ثم تقف تلك الزواجر النيابية عند هذا الحد، وتأخذ في السير بمشوار الانتقام ليس من "أهل الفساد المتنفذين"، وإنما من اقتصاد ومستقبل الدولة، إن كان هناك أي مستقبل لنا مع هذا الفكر السطحي... عرفنا وأدركنا حجم الفساد وأنكم تحاربونه بغير هوادة، لكن ماذا بعد؟! ماذا عن سياسة التبذير والهدر المالي على الناس بعطايا ومزايا من دون حاجة أو رؤية واعية للقادم، هذه صورة أكبر من فساد البعض المتنفذ حين تعمم سياسة الرشا على المواطن، ويتم تخدير وعيه وقلقه المشروع من المستقبل.في عدد يوم الخميس الماضي بجريدة الجريدة كان هناك "فلاش" على الصفحة الأولى يشير إلى تقرير زميلنا محمد البغلي في صفحة الاقتصاد، وهو بعنوان "البرميل الكويتي خسر ٢٣ في المئة خلال شهر... اصح يا نايم!"، لا أظن أن أحداً سيصحو في دولة "بني نائم" حتى يقع الفأس بالرأس... ويارب تستر علينا وتغير ما فينا!
أخر كلام
يارب استر علينا وغير ما فينا
10-06-2012