طاحونة المطالب والتهديد والمهل لتلبية المطالب مستمرة دون توقف منذ 2009 ولن تنتهي، والأغلبية المبطلة أو التآلف المرحلي للإخوان المسلمين (حدس) ونواب القبائل المهيمنة في الدائرتين الرابعة والخامسة وحلفاؤهم يضعون كل يوم مطلباً جديداً من أجندتهم التي تغص بمطالب الهيمنة وفرض الأمر الواقع، بينما البلد يغوص في رمال الفوضى المتحركة، ويقاوم آثار الوضع السياسي المدمر والناتج من مخرجات النظام الانتخابي للدوائر الخمس وحق الأصوات الأربعة للناخب، ورغم كل هذا الخراب الواقع علينا فإنه لم يغير من النظرة المصلحية لبعض الجماعات السياسية الانتهازية، والتنظيمات ذات الأفكار المتكلسة في أحافير الشعارات الثورية البائدة، والذين مازالوا لا يعون حجم الخسائر الكبيرة التي حلت بهم وبمشروعهم الديمقراطي المدني لمصلحة قوى الأصولية والعرقية المفتتة للأوطان.

Ad

هذا الوضع جعل البلد على شفير الضياع في المواجهات الطائفية والعرقية، والتقسيمات المناطقية، وصراعات الجشع على فوائضها المالية، وجعل الناس يئنون من الخوف والهلع على واقع ومستقبل وطنهم، ويطلبون قرارات في العمق لإنقاذ شامل لأن الوقت لا يرحم ولا ينتظر الأمم التي تبدده في توافه الأمور وتأجيل مواجهة المخاطر والتخلص منها.

الجميع يضع يده على قلبه، وينتظر أن تتخذ الخطوة المهمة للتصدي لحال الديرة الخطير والمتردي عبر إصلاح النظام الانتخابي، لأن السكوت على سلبياته وإعادة إنتاج المرحلة السياسية السابقة سيمثل تدميراً للوطن وتسليمه إلى أغلبية ستذبح الدستور ومؤسسات الدولة وستدخلنا في المرحلة التالية للانهيار التدريجي للكويت، وسنعيش ما وصفه النائب صالح الملا للمرحلة السابقة التي قال عنها: "إن مجلس الأمة 2012 لو استمر لذبح الدستور ذبحا إسلامياً".

نعم بملء الصوت، فالكويت اليوم بحاجة إلى قرار كبير يوقف السلبيات الناتجة من حق التصويت الرباعي للناخب الذي نتج منه القوائم الحزبية بدون وجود قانون ينظم الأحزاب، ومواجهات قوائم الدائرة الأولى الطائفية المقفلة، وصناعة الأغلبية من خلال نواب "القلص" عبر تبادل الأصوات بين القبائل والأصوليين، الذين يصبحون -أي النواب "المقلوصين"- بعد انتخابهم تبعاً، بلا رأي ولا قرار، بما يعني عملياً انتفاء صفة تمثيلهم للشعب بحرية، وكذلك تحجيم تمثيل مدينة الجهراء والتجمعات المحرومة من التمثيل في محافظة مبارك الكبير (التجمعات الحضرية في القرين وصباح السالم) وغيرها من مناطق الكويت بسبب هيمنة القبائل الكبرى، هذه السلبيات الخطيرة في نظامنا الانتخابي لا يمكن أن تترك كما يُنظر بعض المثقفين، ويراوغ بعض الانتهازيين ليقرر بشأنها المجلس المقبل، لأن إنتاج الوضع السابق لأربع سنوات مقبلة في ظل أوضاع إقليمية بالغة السوء والخطورة هو عبث ومغامرة بمستقبل وأمن واستقرار الكويت.

كلنا نعلم أو معظمنا أن إعادة إنتاج مجلس الأمة السابق عبر نظام الدوائر الخمس والأصوات الأربعة، ووصول رموزه السابقين لن يغير شيئاً في النظام الانتخابي الذي وصلوا عبره إلى البرلمان، ومن يقل غير ذلك فهو ساذج أو متواطئ، وفي أوضاع الكويت السياسية المتردية حالياً، وعبث السياسيين أو غالبيتهم في السلم الأهلي والتناغم الاجتماعي منذ سنوات لخدمة مصالحهم الانتخابية دون أي رادع، يتطلب أن تضع القيادة السياسية حداً بقرارات تنقذ البلد وتتصدى لهذا الوضع قبل أن تقع الواقعة، ويفلت الوضع العام وتتصادم مكونات المجتمع. بالتأكيد إن للقرارات الكبيرة لإنقاذ الأوطان أثماناً وتضحيات يجب أن تدفع، ولكن التفريط بها وعدم اتخاذها في الوقت المناسب يؤدي حتماً إلى الكارثة التي نتمنى أن يقينا الله منها، لذلك فإن الذهاب إلى الانتخابات المقبلة بنظام الدوائر الخمس والأصوات الأربعة بمنزلة أخذ الكويت مجدداً في رحلة إلى المجهول.