المطرب فيصل عبدالله... دم جديد في الحركة الغنائية في السبعينيات (1-2)
المطرب فيصل عبد الله أحد الأصوات الغنائية الكويتية البارزة التي ظهرت في أواخر الستينيات من القرن الماضي، تحديداً عام 1969. وكان لظهوره دور في دفع الحركة الغنائية الكويتية الحديثة إلى الأمام بدم جديد، وهو امتداد لجيل المطربين البارزين الذين سبقوه.
برز فيصل عبد الله في وقت كانت الأغنية الكويتية المطورة بحاجة إلى أصوات جديدة، ففاجأ الجميع حين غنى للمرة الأولى في الإذاعة الكويتية، وتسابق أكثر من ملحن وشاعر لاحتضانه، بعدما أثبت أنه يتمتع بقدرات وإمكانات صوتية مميزة.في مطلع السبعينيات اكتشف خالد الزايد قدرات فيصل عبد الله الفنية وتعاون معه، فكانت حصيلة هذا التعاون أغنيات كانت وراء نجاحه وانطلاقة صوته داخل الكويت وخارجها، وأصبح في فترة قصيرة من الأصوات الغنائية الكويتية الجيدة، وأحد رواد الحركة الغنائية الكويتية في السبعينيات.سيرة ذاتيةاسمه الثلاثي فيصل عبد الله الحجي، من مواليد الكويت (1948)، متزوج وأكبر أولاده صلاح ومن البنات أماني، متقاعد حالياً. قبل ذلك كان موظفاً في إدارة التعليم الخاص في وزارة التربية.أحبّ فيصل عبد الله الفن منذ طفولته واستهوته أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب القديمة وكان يستمع إليها عبر الاذاعة والأسطوانات، وبرز ميله إلى العزف على آلة العود، وكثيراً ما تملّكته سعادة عندما يستمع إلى معزوفات عليها.في بداياته كان يشبع هوايته بالغناء في الحفلات العائلية أو مع الأصدقاء، وعندما لمس أهله وأخوانه وأصدقاؤه موهبته شجعوه وطلبوا منه تقديم نفسه كمطرب بشكل رسمي في الأجهزة الاعلامية (الإذاعة والتلفزيون)، والمشاركة في الحفلات العامة والرسمية، لأنه صوت جيد لا يقل مقدرة عن غيره من المطربين الذين يغنون في الاذاعة ويظهرون على الشاشة الصغيرة.تجربة أولىعام 1966 تقدم فيصل عبد الله بشكل رسمي إلى الإذاعة الكويتية، وكان سأل أصدقاء له من الفنانين فأعطوه فكرة خاطئة أنه يجب أن تكون للفنان أغنية من ألحانه ليضمن نجاحه في تجربته الصوتية، فعزف لحناً من تأليفه على آلة العود من دون إيقاع، إلا أنه فشل وأصيب بصدمة جعلته يفكر طويلاً في إعادة تجربته، خشية أن تكون التجربة الثانية فاشلة مثل الأولى، لكنه تشجع وتقدم بعد ثلاث سنوات (1969) وأدى أغنية قديمة من لون السامري، فحالفه الحظ ونجح كمطرب.أول أغنية عاطفية قدمها كانت «جروحي من يداويها»، سجلت في استديوهات إذاعة الكويت مع فرقة الإذاعة الموسيقية، من ألحان الفنان القدير عثمان السيد (1970).الزايد - عبد اللهتعرف الجمهور في الكويت إلى خالد الزايد كملحن من خلال تسجيل ألحان جميلة (1971) امتازت بأصالة معتمدة على قدرات فيصل عبد الله الذي غنى من ألحان الزايد: «على هونك» من كلمات الشاعر محمد محروس، «يا غناتي» من كلمات الشاعر بدر بورسلي، «ما هي غريبة» من كلمات الشاعر مبارك الحديبي، يقول في مطلعها:كل ما الهوى حرك عليّ البابقلبي يقول حبيبي جانيشكلت هذه الأغنية التعاون الفني الأول بين الشاعر مبارك الحديبي والملحن خالد الزايد والمطرب فيصل عبد الله، أثمر على مدى سنوات أغنيات جميلة رقيقة من بينها في عام 1974: «الهوى جايد»، «يا سعود»، «وينك»، «ما انسى عيوني»، «الشوق ما زارك».كذلك تعاون الثنائي عبدالله- الزايد مع كتّاب الأغنية في الكويت لغاية منتصف السبعينيات، وكانت ثمرة هذا التعاون أغنيات جميلة حققت نجاحاً من بينها: «غالي» (1973) من كلمات الشاعر فايق عبد الجليل وسُجلت في أستديوهات القاهرة، يقول في مطلعها:غالي حبيبي كانوقلبي مختارهسافر وهو زعلانوانقطعت اخباره«ماني مصدق عيوني» (في العام نفسه) من كلمات أحمد اليتيم وألحان خالد الزايد، يقول فيها:ماني مصدق عيوني احبابي يلاقونييرتاح في الهوى بالي واشوف الفرحة بعيوني«يا من يبشرني» (1975) من كلمات بدر بورسلي (في ثاني تعاون بعد «يا غناتي» 1971) يقول في مطلعها:يا من يبشرنيوعندي له بشارهعن اللي هاجرنيومدري هوى داره«ديرة العشاق» (1975) من كلمات ناشي الحربي، وهي من الأعمال الجميلة الناجحة التي ما زالت تذاع على شاشة التلفزيون من إخراج الفنان هاشم محمد، يقول في مطلعها:يا ليت للعشاق ديره بعيدهوارتاح فيها مع حبيبي لياليأمشي على الأشواق واللي نريدهفي لوم عذال الهوى ما نباليثلاثي ناجحعام 1974 تعاون فيصل عبد الله مع الشاعر سالم ثاني والملحن عبد العزيز الحمدان، وكانت ثمرة هذا التعاون أغنيات مميزة من بينها: «شيبي فيني» يقول فيها:مدري شيبي فينيطرش ينادينييمكن يبي يرجعللماضي يا عيني«والله ورجعنا يا هوٍى»، يقول في مطلعها:والله ورجعنا يا هوى وعدنا لمراسيناوالفرحة في عيونا سوى تغني غناوينا«واعذاب القلب» (1974) يقول في مطلعها:واعذاب القلب منه زاد له حب وهيامواندلهت في يوم عنه جاني طيفه في المنام«يا صبر قلبي» (1975) يقول فيها:يا صبر قلبي من يصبرني حتى الصبر ضيعت انا أدروبهدرب عليه بالحيل يجبرني درب يكثر لي عذروبه«لو بالتمني» (في العام نفسه) يقول في مطلعها:يا اهل الهوى تاه مني الراي عقب عشيري من أغنيلهصرت اتخبط من كثر بلوايقلبي اشتقى منه يا ويله«بدور» حققت انتشاراً استمر سنوات، يقول في مطلعها:أول كلامي في بدور أتغزلواحتار شوصف من جمال جساهاأم العيون اللي لها الطير حولسبحان من صور من حسنه عطاهابعد 1975 تراجع التعاون بين الثلاثي عبد الله - الحمدان - ثاني، وكانت آخر أغنيتين لهم: «طاوعتك» (1978)، «يا سمرة» يقول في مطلعها:يا سمره ودي أحجيلج عن أشواقي واغنيلجوابارك لج يوم العيد ولو بالأيد أو ميلجتعاون مع الديكانتعاون المطرب فيصل عبد الله مع الملحن غنام الديكان في أغنيات جميلة من كلمات الشاعر بدر بورسلي ساهمت في شهرته من بينها: «نا نجمة سهيل»، «غير الوقت حبايبنا»، «خليجية»، «حبيبتي»، «اسمعني»، «جذابين» (1974)، يقول في مطلعها:جذابين اللي حجوا لك أو قالوا لك مشتاقينأنا وحدي بحاجة حقك شوقي حقك من سنينواللي قالوا لك ليالي الشوق شابتوَهَمْ ما تابت في انتظارك جذابينكذلك تعاون الثنائي الديكان - عبد الله مع الشاعر أحمد اليتيم في أغنية «وين الهوى»، ومع الشاعر خالد العياف في أغنية «على خبري»، ومع الشاعر الراحل خليفة العبدالله الصباح في أغنية «يا حلو يا زين»، يقول فيها:يا حلو يا زين يا حلويا شاغل بالي يا حلوبالله عليك بالله ترحم حالي باللهأنا قلبي في نار وفكري احتارعبدالله - البعيجانتعاون الفنان فيصل عبد الله والملحن ناجي البعيجان في أغنيات من كلمات الشاعر الراحل عبد الأمير عيسى من بينها: «أشتكي لك» (1977) يقول فيها:اشكيلج وانا ما ودي اكدرجبالشكاوي يالحبيبه«صابر عليك» (1978) يقول في مطلعها:صابر عليك وصابر على عنادك معايصابر عليك ومصير قلبي معانيعندي أمل بعد الغروب يطلع فجرعندي أمل تصفي القلوب بعد الهجركذلك تعاون الثنائي عبد الله - البعيجان مع الشاعر عبد الخضر عباس في أغنية «يا بعيد» (1978) يقول فيها:يا بعيد..... وظالمني الزمن وياكيا بعيد..... ولا عندي أمل القاكحزين الشوق من بعدكوغريبة دنيتي بلياككان 1979 من أنشط الأعوام الغنائية إذ قدم فيها فيصل عبد الله أغنيات من ألحان ناجي البيعجان ومن كلمات عبد الأمير عيسى من بينها: «تأكدنا»، «درب البعاد»، «ما بقالي»، يقول في مطلعها:ما بقالي من هواكالا تذكار وصورفترة من معاكللأسف ضاعت هدروفي العام نفسه قدم الثنائي عبد الله- البعيجان من كلمات عبد الخضر عباس أغنية «معذورين»، يقول فيها:ظلمتوني ولا تدرونوليت بحالي تحسونبعدكم ما عرفتوا الشوقولا تاهت لكم ظنونأعمال مميزة● أحمد عبدالمحسنيرى عدد من الفنانين المعاصرين أن المطرب فيصل عبدالله هو أحد المطربين الذين أثروا الساحة الغنائية المحلية في فترة السبعينيات، وكان لوجوده صوت مؤثر على رغم انطلاقته الفنية المبكرة.في هذا السياق يعدد الشاعر الغنائي بدر بورسلي عدداً من المزايا التي حملها المطرب فيصل عبدالله، ومن بينها إسهاماته في الأغنية الكويتية الحديثة والمطوّرة، فقد ظهر ضمن جيل الشباب المتحمس الباحث عن إثبات وجوده بين الكبار، وخلال مسيرته الفنية قدم إسهامات واضحة تشكل إضافة مهمة إلى الفن الكويتي بوجود الفنانين الشباب وتبناه الفنان خالد الزايد في البداية. له أغاني شهيرة عدة وتعاون مع عدد من الشعراء مثل الشاعر الشهيد فايق عبدالجليل وغنى أيضاً مجموعة كبيرة من الأغاني الرائعة أبرزها «يا من يبشرني»، وهو صاحب صوت متميز للغاية وطريقته معينة في الغناء تختلف عن باقي الفنانين.ويستطرد بورسلي موضحاً أن فيصل عبدالله كان أحد أبرز النجوم الشباب في ذلك الوقت وكان ناجحاً بصورة كبيرة، لكنه للأسف لم يستمر في الغناء طويلاً ولكل شخص ظروفه الخاصة، ونحن لا نعلم ما حدث له فقد ابتعد عن الغناء فجأة فكان نتاجه قليلاً جداً، والجميع لم يكن سعيداً بهذا الخبر، فهو شخص خلوق للغاية ولا يملك عداوات والجميع يحبه، «وتشرفت بأني عملت معه في وقت سابق».من جانبه أكد الملحن عبدالله القعود أن المطرب المعتزل فيصل عبدالله هو أحد الفنانين الذين قدموا للأغنية الكويتية أعمالاً متميزة ورائعة ما زلنا نعيش على ذكراها، وورث هذه الأعمال الرائعة للجيل الحالي فأصبح ذا امتداد كبير جداً جمع بين الإبداع والتألق والجميع في هذا الجيل السابق كان متميزاً جداً وحملوا أعمالاً خالدة.وقال: «فيصل عبدالله مدرسة فنية يجب أن يتعلم منها الجيل الحالي هو صاحب صوت متميز وخامة غنائية رائعة جداً يتعلم منها الجميع، قدم إبداعاً لا يمكن لأحد إنكاره فأعماله بارزة وطريقته في الغناء متميزة وهو أحد النجوم القدامى الذين يجب أن يتعلم منهم الجيل الحالي الصبر والالتزام والتميز وسعة الصدر والبال والعمل باجتهاد، فهو مثال لجميع المطربين في طريقة غنائه وفي أسلوبه الرائع وحتى في تصرفاته الراقية على مستوى التعاون مع الأصدقاء وفريق العمل، وهي تصرفات تدل على عقليته الناضجة والفريدة من نوعها}.