لا أحد يستطيع أن يقول إن شبابنا بقي بعيداً عن التأثر بروح الثورات العربية، فهذه الثورات أطلقت شياطينها مثلما أطلقت حكماءها، ومثلما قرر الشعب اليمني أن يقول لرئيسه "ارحل شلوك الجن" فإن بعض الشباب السعوديين قرروا أن يذهبوا ليقولوا للجن نفسه ارحل. وبحسب مصادر سعودية فإن شباباً في ثلاث مدن سعودية قرروا في وقت واحد أن يتجهوا نحو أماكن قديمة اشتُهرت بأن الجن يحتلها، أشهرها مستشفى مهجور في الرياض. وحمل بعضهم الكاميرات كي يصوروا الجن، وقد ساعد فيسبوك وتويتر وبلاك بيري على تواصل بعضهم مع بعض. اشتكى الجيران في المنطقة من تجمهر شباب زادهم عدداً تجمهر فضوليين يريدون "الفرجة" فاتصلوا بالدفاع المدني الذي جاء بفرقه وطردهم قبل أن يطردوا الجن.
ليس غريباً أن يثير وجود جن في أماكن مهجورة فضول الشباب، وليس غريباً أن يجد الشباب كل هذه الشجاعة في مواجهته، لأنهم شباب أولاً ولأن الجن أصبح جزءاً من واقع حياتنا وليس أسطورة، فأحد القضاة لدينا تورط في قضية رشوة بـ72 مليون ريال، وتملك أراضي وتكسب تكسباً غير مشروع لكن لجنة الرقاة الشرعية أثبتت أن جنيّاً تلبسه وحمّلته مسؤولية هذه الأفعال، كما صرح أحد شيوخنا من كبار العلماء أن جن الفاتيكان قد أرسل جناً من عنده كي يُنصِّر جننا المسلم، وأحد الشيوخ أيضاً قال، وقد سمعته بأذني: "إنه لا بأس أن نتداوى عند الجن إذا ثبت لنا أنهم مسلمون". كنت أظن أن الشباب ذهبوا إلى تلك المواقع كي يقولوا للجن ارحل كي يكف المتاجرون باسمه عن سرقتهم وتأخير رحلتهم التنموية والوطنية وجر عامتهم من الأميين والدجالين في غيبوبة التمارض والتواكل وتصديق الأوهام، لكنني اكتشفت أن الشباب لم يقصدوا ذلك البتة، بل كانوا يريدون أن يأخذوا صوراً مع الجن ويثبتوا وجودهم، وقد عرضت حلقة تلفزيونية أقوالهم المتناقضة في ضبط الجن، لكن المذيع طرح سؤالاً ذكياً عن سبب بقاء مستشفى مهجور 25 عاماً يمرح فيه الجن ويسرح.ذهب شبابنا ليصوروا الجن بأجهزة "البلاك بيري" وينشروا الصور في مواقع فيسبوك وتويتر بعد أن ركبوا سياراتهم الألمانية واليابانية وبعد أن "تخاطروا" بالأجهزة الذكية، بكل هذه العدة والعتاد ذهبوا لمواجهة الجن. ليت الدفاع المدني تركهم قليلاً كي نعرف هل كان الشباب يمزحون أم أنهم كانوا جادين؟ هل كانوا يريدون أن يقولوا للجن "ارحل" أم كانوا يريدون أن يثبتوا لشعب الأجهزة الذكية أن فكرة احتلال الجن لعقولنا وتعطيلها لمحاكمة السارقين حقيقة؟كنت أظن أن هؤلاء الشباب قرروا أن يطردوا الجن وأن يقولوا له "ارحل"، لكنني اكتشفت أنهم، بحسب وصف الشباب، يريدون أن يلتقطوا معه صوراً تذكارية. شباب الجن ارحلوا أنتم.
أخر كلام
شباب الجن
02-06-2012