من المفترض أن تلتقي مجموعة العمل الدولية المتعلقة بالأزمة السورية، التي تم الاتفاق على تشكيلها بعد "شق الأنفس"، والتي تضم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى كلٍّ من تركيا وأيضاً قطر والكويت والعراق عن المجموعة العربية، وتسود قناعة متأرجحة أنه إذا تم هذا الاجتماع اليوم (السبت) في جنيف فإنه سيشكل محطة رئيسية لحل هذه الأزمة المتفجرة على أساس التفاهم على "خريطة طريق"، لتطبيق خطة كوفي أنان ببنودها الستة، وأهمها البند الذي ينص على انتقال السلطة بصورة سلمية.

Ad

لم يكن التفاهم على تشكيل هذه المجموعة سهلاً، فروسيا بقيت تُصرّ على ضرورة مشاركة إيران، بحجة أن وجودها ضروري كلاعب رئيسي بالنسبة لما يجري في سورية وفي المنطقة، ثم بعد محاولات مضنية وافقت على استثنائها واستثناء المملكة العربية السعودية، مع تجاوز اقتراح آخر يدعو إلى تمثيل كل دول الجوار، والاتفاق في النهاية على هذه التركيبة المكونة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، أي الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا، بالإضافة إلى تركيا وكلٍّ من قطر والعراق والكويت عن جامعة الدول العربية.

ولهذا فإنه غير مضمون نجاح اجتماع اليوم نظراً إلى أن الموقف الروسي لا يزال على ما هو عليه، ولأن الصيغة التي تم التفاهم عليها هي مجرد بنود عامة تجعلها حمّالة أوجه باستطاعة أي دولة أن تفسرها وفقاً لانحيازها إلى هذا الطرف أو ذاك، ولأن ما أصبح مؤكداً وواضحاً أن الرئيس بشار الأسد ليس بوارد التنحي بطريقة سلمية من خلال تفاهم سياسي دولي، يضمن له ولعائلته مغادرة البلاد إلى أي وجهةٍ تُبدي استعداداً لاستقباله، وأنه سيواصل القتال و"عليَّ وعلى أعدائي" حتى لو لم يبقَ حجرٌ على حجر في سورية.

هناك كلام عن صيغة "مُواربة" لانتقال سياسي وسلمي للسلطة ومسؤولية الحكم من هذا الرئيس إلى رئيس مرحلة انتقالية، لكن ما فعله الروس خلال أكثر من خمسة عشر شهراً يؤكد أنهم سيحاولون التلاعب بعامل الوقت مجدداً، وأنهم سيستخدمون هذه "التفاهمات" الضبابية لإعطاء بشار الأسد مهلة جديدة للتهرب ولمواصلة حلول العنف والقوة العسكرية الغاشمة التي لجأ إليها منذ اليوم الأول، واستمر في تصعيدها إلى أن اتخذت طابع التطهير الطائفي والإبادة الجماعية وسحق المدن والقرى بجنازير الدبابات وقذائف المدفعية.

إنها محاولة، والواضح أن كوفي أنان لديه استعداد لا حدود له للمساومة على بنود خطته، وبخاصة هذا البند الآنف المتعلق بالانتقال السياسي والسلمي للسلطة والحكم، وأن الروس مازالوا يتمسكون بموقفهم الرافض لتنحي بشار الأسد كشرط مسبق لهذا الحل المطروح والرافض حتى لمجرد ذكر اسمه في صيغة التفاهم التي يجري الحديث عنها، والتي من المفترض أن تجري مناقشتها في اجتماع اليوم، ولهذا فإنها مغامرة كبيرة أن يتم استباق هذا الاجتماع بإضفاء أجواء من التفاؤل، والذهاب بعيداً في المراهنة على أن الأزمة السورية المتفاقمة قد وضعت أقدامها على طريق بداية النهاية السياسية والسلمية.