الانتخابات الرئاسية (4)
أنا الرئيس!تحدثنا في المقالات السابقة حول الكثير من العوامل المساعدة والمشاهد الجانبية المؤثرة في الانتخابات الرئاسية المصرية، واليوم سندخل إلى قلب الحدث والمشهد الرئيسي، وهو حول المرشحين أنفسهم. كنت أتمنى أن يتفق المرشحون في ما بينهم على تشكيل فريق رئاسي متكامل (رئيس- نائبان- رئيس حكومة) منعاً للفرقة والاختلاف في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، لكن للأسف رفض الجميع ذلك، فالكل يرى في نفسه القدرة على الرئاسة وجدارته بها، وكل منهم يعلن بأعلى صوته «أنا الرئيس... أنا الرئيس ولا رئيس غيري».
وبعيداً عمّن يفوز فهذه الجزئية (أنا الرئيس) تحديداً تثير قلقاً كبيراً، فإذا كان أنصار مرشح يرفضون إلى الآن سحب اسمه من قبل اللجنة المشرفة ويصرون على وجوده فهل سيقبل أنصار غيره هزيمة مرشحهم وفوز غيره؟ أم يستمر الخلاف والتظاهرات بدعوى التزوير تارة والجدارة والكفاءة تارة أخرى فمرشحهم- من وجهة نظرهم- هو الأحق والأجدر، ومن فاز لا يستحق الفوز كما حدث في الانتخابات البرلمانية التي مازال البعض يرفضها إلى الآن.بالرغم من وجود 13 مرشحاً، فإن السباق الحقيقي يكاد ينحصر فعلياً في 4 أسماء وخامس جاء من بعيد باستثناء من لجنة الانتخابات، ولكن رفضه شعبياً لا يسمح له بأي فرصة للفوز. وعودة إلى الأربعة؛ اثنان منهم إسلاميان ينتميان إلى الإخوان (سابقاً وحالياً) وآخر مدني شاب (دون الستين) والأخير مدني شيخ (فوق السبعين) وكان الأقرب إلى الرئاسة في بداية الألفية الثالثة لولا مشروع التوريث للمخلوع، فتم تصعيده بفعل فاعل ليتولى منصباً عربياً رفيعاً. واقعياً، يبدو أن الإسلاميَّين حظهما أكبر، وإن كان وجودهما معاً سيقلل فرصة نجاح أحدهما خصوصاً «الإخواني السابق»، فأن تستمر على فكر ومبادئ «الإخوان» لأكثر من 30 عاماً وتكون الجماعة هي السبب الأساسي في كل ما حققته، وتشارك بنفسك في فصل أعضاء من الجماعة لمخالفتهم مبادئها (كما حدث في انتخابات مجلس شورى «الإخوان» الأخير)... أن تكون كذلك ثم تأتي فجأة لتعترض وتنسحب من الجماعة لمجرد أن قرار الجماعة لم يتفق مع هواك الشخصي فهذا التصرف أوجد الكثير من علامات الاستفهام والتعجب؟! وأفقده الكثير من المصداقية أمام الجميع رغم محاولات مستشاريه المتكررة والادعاء بأن ما حدث دليل ليبرالية متأخرة أصابت مرشحهم! والسؤال هل اعترض مرشحهم على فكر الجماعة ومبدأ السمع والطاعة؟ وإذا كان فلماذا لم يستقل منذ زمن بعيد؟ أما أن تستمر أكثر من 30 عاماً ثم تكتشف فجأة أن مبادئ الجماعة غير صالحة فهذا هو الكذب والخداع بعينه، وهو ما سيفقده أصوات الكثيرين.المرشح الإسلامي الآخر لا وجود شعبياً له على الإطلاق، ولولا الالتزام الحزبي الصارم والكامل لشباب «الإخوان» وشيوخهم ومناصريهم لمني بهزيمة قاسية، فهل سيتحقق له هذا الالتزام؟يتبقى المرشحان المدنيان، والفرق بينهما في السن والخبرة كبير، وإن تلاقيا في الفكر الناصري والقومي والإحساس بالفقراء والعمل من أجل البسطاء، لذلك سيكون التمييز بينهما تبعاً لأولوية كل ناخب هل يفضل الخبرة أم الشباب؟ هل يفضل رئيسا لفترة واحدة أم لدورتين؟وفي كل الأحوال فما يبدو إلى الآن هو حدوث جولة إعادة، فلن ينجح أي من المرشحين من الجولة الأولى، وغالباً ستكون الإعادة بين مرشح إسلامي إخواني (سابق أو حالي) ومرشح مدني (شاب أو شيخ). هذا إذا تمت الانتخابات فعلاً في موعدها ولم يخرج لنا الحاوي (المجلس العسكري) من أكمامه لعبة جديدة يضحك علينا بها... فهل سيفعلها؟