تمتد فترة المراهقة بين 18 و25 عاماً، يعيش المراهقون خلالها تحت السقف العائلي ويتابعون دراستهم أو يبحثون عن عمل. يُطلق معظم علماء النفس اليوم على المراهقين مسمى «البالغين الصغار»، لأنهم يتنقلون بين الرغبة في الاستقلالية والحاجة إلى الأمان الذي يحصلون عليه في كنف العائلة. وتجدهم بارعين وضعفاء الإرادة في الوقت نفسه، ويسببون لأهلهم مشكلة أساسية: كيفية توجيههم من دون خنقهم وتحضيرهم للتحليق مع منعهم من الوقوع.

Ad

تلخص الحقيقة الأولى، وهي ليست بديهية بالنسبة إلى الجميع، على الشكل التالي: ليتمكن الولد من الخروج من مرحلة المراهقة من الضروري مساعدته، لكن يجب أن يشعر الأهل أيضًا بالرغبة في ذلك. يصف أحد علماء النفس والدي البالغ بأنهما ينشقان عن والديهما والتقاليد والقيود المختلفة ليتقربان أكثر من أولادهما ويتصلان معهم بصلة القلق والتبعية. في هذا العالم غير الآمن والمستقر، أصبح الأولاد أشبه بالملاذ الآمن والصلة الآمنة الوحيدة. فليس من المفاجئ إذًا أن يكون الآباء والأمهات جاهزين لأي أمر للحفاظ على هذه الصلة. ونراهم يقدمون الدعم العاطفي والمادي والمعنوي من دون تفكير لأولادهم الكبار الذين بدورهم يتساءلون لماذا يتركون هذا الملاذ الآمن لمواجهة الأعمال الشاقة خارجه.

إليكم ثلاث خطوات ضرورية تساعدون من خلالها أولادكم في الخروج من المراهقة إلى الرشد:

 

عبر تعليمهم «المواجهة»

إذا كان الخبراء يعرضون مواقف الأهل المزدوجة، فهم لا يدعمونها بوضوح. فكلما بالغ الوالدان في مجال العواطف والرعاية والتربية، انخفضت فرص الولد لبناء صورة الأهل الخاصة به، أي استيعاب صورة الأهل الصالحين بالنسبة إليه. وتبين أن بدون التعرض المعقول للخطر، يصبح الولد أكثر ضعفًا بدلاً من تقوية نفسه بفضل الاهتمام الأبوي والأموي، لأنه لم يتمكن من الاعتماد على موارده الخاصة. إنه نظام يأتي أحيانًا ليقاطع جهد الأهل. نتيجة لذلك، يشعرون بالندم ويتخلون فجأة عن ولدهم الذي لا يملك «الأدوات» ليواجه مشاكل حياته ومصاعبها.

المواجهة واتخاذ القرارات المناسبة وتطوير فكر مستقل واحترام الآخرين هي الخطوط العريضة التي ترسم مفهوم المسؤولية، وتصب كلها في هدف واحد: معرفة كيفية الاعتناء بالنفس من دون نسيان الآخرين. ويتعلق ذلك بالقدرة على تقييم القدرات والقيود للقيام بخيارات صائبة ستكون بدورها حلاً وسطًا بين المثل العليا والحقيقة.

عبر تحديد المراحل الرمزية

على الأهل في هذا المرحلة تحديدًا من حياة المراهق أن يحاولوا تحديد المسافات الصحيحة. إلا أنهم في معظم الأحيان، ينجرفون في التناقض ويوقعون ابنهم بشكل غير واعٍ في الضياع في خطاب مزدوج، فيقولون له: «أصبحت بالغًا الآن» ويسألونه في الوقت نفسه: «هل أنت فعلا ًجاهز؟».

في الواقع، لم يصبح المراهق بالغًا بعد ولا يمكنه أن يتأكد من أنه جاهز! لذلك، ينصح الأهل بتحديد المراحل الرمزية، لمساعدة أولادهم على التطور وتطوير ذاتهم. نعني بالمراحل الرمزية، الحصول على شهادة البكالوريا أو شهادة القيادة أو القبول في دورة تدريبية لعمل جديد... ويقترح الخبراء على الأهل إجراء حفلة عائلية صغيرة يقول فيها أحد الوالدين كلمة مثل: «هذه مرحلة جديدة تجتازها، أنت تنضم إلى صفوف البالغين».

عبر الحقيقة

بهدف تقييم حس المسؤولية بشكل صحيح، ما من طريقة أفضل من تعريض المراهق للحياة الحقيقية. فكيف يمكنه أن يقيم نفسه من دون مواجهة الصعوبات وحسرة الفشل والافتخار بالنجاح؟ من هنا، من الضروري جعله يواجه الحقيقة بعيدًا عن أداء دور المرشد إلى جانبه، فلا تترددوا في تركه يتدبر أموره.