حدث آخر لم أفهم، أقصد موقف قناة العربية من عائلة طلاس السورية، في تغطية لها للأحداث الأخيرة، فلقد كررت القناة بث تقرير عن عائلة طلاس، المعروف ولاؤها التاريخي للنظام في سورية، يكفي أن نذكر اسم العماد مصطفى طلاس، ورد بذاك التقرير إشارة إلى انشقاق مناف طلاس، كما أشار إلى انشقاق ضابطين من أبناء عمه كانا قد انشقا بداية الثورة وقاتلا مع الثوار، واستشهد أحدهما مبكراً، وبالرغم من ذلك لم تنقل العربية خبر انشقاقهما حينها!

Ad

لم يمر يوم منذ أن تكوّن الجيش الحر إلا وفرحنا جميعا بأي فرد ينشق عن جيش النظام وينضم إلى شعبه، أي فرد مهما صغرت رتبته، ومهما كان أثره المعنوي بسيطا بالنسبة لجيش النظام، فقد كان بالنسبة للجيش الحر وللسوريين المواطنين ولنا إضافة معنوية كبيرة ومهمة، بل إن سلاحهم الشخصي الضعيف الذي كانوا يفرّون به كان مكسباً عظيماً يشد من أزر الأسلحة البسيطة في أيدي الثوار الآخرين، لماذا لم يعلن عن شخصية بحجم الضابط عبدالرزاق طلاس أو الضابط مناف طلاس الذي استشهد على يد جيش النظام ودفن في دمشق؟! لماذا لم تنقل لنا العربية تلك الأخبار حينها رغم أهمية الشخصين، إن كان من حيث الرتبة العسكرية أو الأثر المعنوي، فقد يكون ذلك بعض عزاء لمن فقدوا أعزاءهم تحت جنازير دبابات جيش النظام، أو بأسلحة «شبيحته»، الإعلان حينها عن انشقاقهما كان سيرفع معنويات من سالت دماؤهم ودماء أحبائهم.

قد يقول قائل إن العربية لم تعلم حينها، إذا كان كذلك فهذا تصريح واضح فاضح لقدرتها على «مواكبة الحدث»، أما إن كانت القناة تعلم وحجبت الخبر لأسباب تكتيكية سرية مثلاً، فأنا على يقين بأن مخابرات النظام وأجهزته الأمنية لا يطرف لها جفن خاصة في ما يتعلق بالأشخاص المقربين من الرئيس، لذا أنا لا أعرف ما هي تلك الأسباب «التكتيكية»، ولا أجد خلفها منطقاً مستقيماً.

ولماذا ورد في ذات التقرير «عمداً» ذكر استغناء بشار عن خدمات وزير دفاعه العماد طلاس قبل أشهر قليلة فقط من حادثة اغتيال الرئيس الحريري؟! موحياً إلى أن العماد لم يكن راضياً على التورّط في دم الشهيد الحريري، علماً أن العربية نفسها كانت قبل ذلك التقرير بأيام قليلة قد استضافت إحدى شخصيات المعارضة الذي قال إن العماد طلاس كان يفتخر علناً بتوقيع قرارات الإعدام لمعارضي النظام...!! أعتقد توقيع قرار «إعدام» الحريري بالنسبة لتلك الشخصية سيكون شرفاً يباهي به كشاهد ولاء للنظام.

إذا كانت هذه العائلة وطنية كما يريد التقرير أن يصفها، فلماذا ساهمت القناة في تشويهها أو ستر وطنيتها قبلاً؟! أعرف أن الإعلام في النهاية ليس إلا جزءاً من اللعبة مهما تحدثنا عن مهنيته موضوعيته، ولكن لا أفهم كيف يسيل حبره ليكون جزءاً من الدم؟! ويعلو صوته ليصبح جزءاً من أزيز الرصاصة؟! وتضيء صورته لتبقى جزءاً من العمى؟! كيف يُسلّح صوته، ويفخّخه، ويجنّده كما يجنّد الإرهابيين أدواتهم...؟! لم أفهم.