صورة مع كيم
![د. ابتهال عبدالعزيز الخطيب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/991_1667658654.jpg)
الساحة خلت لك يا حكومة، فماذا كان الدافع وراء إهانة الدكتورة بهذا الشكل؟ وما هو الداعي لإعادتها على طائرة لاحقة دون حتى تسليمها جواز سفرها، الذي بقي مع ضابط أمن لحين وصولها إلى دبي لتسليم جوازها لضابط آخر هناك؟ ولكن لحظة، في ذات الوقت، سمحت الحكومة لكيم كارداشيان بالدخول وأكرمت استقبالها ودفع مَن دفع مبلغ 350 ديناراً ليجلس معها في ذات القاعة على العشاء، ويتشرف بصورة في حضرتها. وبلا شك، أنا أرحب بالسيدة كارداشيان، وإن كنت لا أعرف تماماً ما هي قيمتها الفنية، ولكن تبقى زيارتها واهتمام مَن يهتم بها محفوظين تحت باب الحريات والانفتاح والاحترام لقيمة كل إنسان طالما لم يأتِ بما يضر أمن البلد الذي يزور. ولكن السؤال هو ما هي الرسالة التي ترسلها لنا الحكومة؟ أهي أن د. بدرية بإنتاجها الأدبي أكبر خطراً علينا من كيم كارداشيان وإنتاجها الخفي؟ لابد أنه ذاك، فبدرية، كما كل الكتاب، تحاور العقل وتحفزه وتثيره لأن يفكر، وذاك بلا شك خطر كبير على العقول العربية التي ما فتئت حكوماتها أن فرضت عليها علاج الراحة السريرية الذي كان يفرض على النساء في القرنين الثامن والتاسع عشر، حين كانت النساء اللواتي يعانين أي اضطراب هرموني، خصوصاً ما بعد الولادة، يُعتقد أنهن أرهقن عقولهن في النشاطات الفكرية، وأن عقل المرأة لا يحتمل التفكير والتحليل، وعليه، تحتاج إلى سبات عقلي وجسدي قد يمتد شهوراً طويلة.إلا أن السبات المفروض على شعوبنا هو سبات أبدي، ومن يحاول أن يصحو يصفعونه على وجهه بكيم كارداشيان، فتتخدر حواسه بالرموش المعقوفة والخدود الوردية والقد الجميل، فيذهب إلى غيبوبته راضٍ سعيد. هكذا فعلت حكومتنا التي استجار برمضائها الكثيرون من نار المعارضة، وكلاهما حارق ساحق، كلاهما يود أن يرقدنا في أسرتنا، فالتفكير يرهقنا والتحرك يؤذينا وأي محاولة للبحث عن طريق مخالف للحكومة والمعارضة هو قفز للمجهول المظلم المخيف.سأطلب هذا المجهول وأحتمي في ظلامه ألف مرة قبل أن أطل في وجه معارضة طائفية قبلية متحجرة أو أصافح حكومة تفتح مطارها لكيم كارداشيان، مع الاحترام لشخصها الإنساني لا الفكري أو الفني، وتغلقه في وجه د. بدرية البشر. ماذا تركتم للمعارضة المبطلة وأنتم تنافسونها حتى في سوقها الرديء؟ المعارضة "تزعق"، أما الحكومة فهي صاحبة القرار، وها هو قرارها يأتينا حتى بلا "زعيق" المعارضة، وها هي الحريات تداس بالأحذية اللامعة باهظة الثمن. لا بأس، المهم أن نُصور مع كيم كارداشيان.