لا يمكن وصف مرسوم الضرورة الذي تنوي الحكومة إصداره والتعديلات التي ستطرأ على القوانين الرياضية وفق ما نشرته الزميلة "الراي" قبل يومين إلا بأنه خضوع حكومي لقوى النفوذ والفساد التي تسيطر على الرياضة الكويتية منذ عقود.
منذ أكثر من خمس سنوات، وتحديداً منذ الإعلان عن موعد جلسة 20 فبراير 2007 والتي أُقرَّت خلالها قوانين إصلاح الرياضة، والجسد الرياضي الكويتي يعاني طعنات مستمرة لا يكاد يشفى أو تبرأ جرحه من واحدة حتى تأتيه أخرى أشد وأقوى من سابقتها، وكل ذلك لا لشيء إلا لضمان أن يستمر الوهن والضعف فيه، وبالتالي ضمان السيطرة عليه، وهو ما حدث في نهاية المطاف، والغريب أن هذه السيطرة التي نتحدث عنها ما كانت لتحدث لولا الحكومات المتعاقبة التي مرت منذ ساعة إقرار القانون حتى يومنا هذا، فلا توجد واحدة منها مستثناة أو معفاة، فكلها "في الهوى سوى"، وبدلاً من أن تكون حارسة حريصة على تطبيق القانون كانت من أهم العناصر المساعدة على مخالفته والالتفاف عليه و"الدوس في بطنه"، متناسية أننا في دولة تسمى دولة مؤسسات "على الطل".حذرنا وكررنا مراراً من أننا أمام مفترق طرق، فإما هيبة الدولة والقانون أو العكس، وبالتالي سنكون في "حارة كل من إيدو إلو"، ويبدو أن حكومتنا التي لا علاقة لها بالرشد، فهو يبعد عنها "كبعد العبدلي عن خط وفرةِ" كما يقول الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، قد اختارت الطريق الأسهل، وهو مكافأة من يخالف ويلتف على القانون بدلاً من السير في الطريق الأصعب بإجباره على تطبيقه، لتثبت لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أنها حكومة "شيوخ" وتعمل لما يناسب "الشيوخ"، وأن كل ما عليك هو أن تكون من أبناء الأسرة الحاكمة لتصبح بمنأى عن المحاسبة والقانون الذي وُجِد في الكويت، لا ليُطبَّق بل ليستخدم فيما يريد المتنفذون وأصحاب الحظوة، وإذا جاء على غير ما يشتهون فلا مشكلة من تجاهله أو تعليق العمل به، ومن ثم تغييره ليناسب هواهم، بل وحتى نسفه بالكامل.وإلا فليخرج لنا رجل واحد فقط من الحكومة غير الرشيدة ليقنعنا بالضرورة التي لا تحتمل التأجيل لتعديل قانون صدر في سنة 1978، وآخرَ ظلَّ التجاذب حول تطبيقه كاملاً مستمراً منذ خمس سنوات وسبعة أشهر وخمسة عشر يوماً حتى الآن، أو ليفهمنا كيف تقبل أي دولة، كبرت أو صغرت، أن يقتصر دورها في الجانب الرياضي على أنها " تتطمّش فقط"، وتتولى الصرف المالي على الأندية والاتحادات والهيئات الرياضية دون أن يكون لها حق المحاسبة عند الخطأ، فهذا سيكون من حق الجمعية العمومية التي سيحدد شكلها النظام الأساسي الجديد الذي سيقوم بوضعه كل نادٍ بحسب ما يراه مناسباً، يعني "تنقلب الدولة إلى حصالة" والأندية إلى إقطاعيات.بنلتيأي قانون يصدر من الحكومة تتم دراسته في اللجنة القانونية لمجلس الوزراء، ولمن لا يعرف فإن اللجنة الحالية يترأسها وزير العدل جمال الشهاب، الذي تولى حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 2007 حتى 2008، دون أن يتمكن أو ربما يسعى إلى فرض تطبيق القانون، بل كان يتفنن آنذاك في تشكيل اللجان بحجة دراسة التعارض بين القوانين المحلية واللوائح الدولية، وها هو يحصل أخيراً على فرصة تنفيذ ما كان يطلب منه حينئذ، ليأتي لنا اليوم بقانون أعوج يشل يد الدولة ويطلق يد أهل الخراب في الرياضة.• تتطمش أي تتفرج
مقالات
في المرمى: الدولة «تتطمّش» وفق القانون
05-11-2012