خلاص الكويت من الفساد الإداري والمالي لن يتحقق برفع سقف المطالبات لكن باستخدام الحرية المسؤولة التي تبني ولا تهدم، والتي تمكن المواطن من أخذ حقوقه وفق معايير مدروسة على أساس المفاضلة بالكفاءة، ولا تفتح الباب أمام المحاصصة و«الواسطة» بكل أشكالها.

Ad

قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ". صدق الله العلي العظيم.

بلغة التمني ماذا لو تجردنا قليلاً ونظرنا إلى الوضع في الكويت بكل واقعية؟ فهل سنغير تفكيرنا أم هو التعصب الذي أعمى البصيرة؟

فدول المنطقة والعالم العربي والإسلامي يحسدوننا على النعم التي نحن فيها وفي مقدمتها رغد العيش وحرية الرأي، وهما نعمتان لا تجدهما إلا في الكويت... إذن لِمَ كل هذا التذمر؟ وهل هو حراك طبيعي؟ أم أنه نوع من البطر؟!

ما زلت أذكر قبل بضع سنوات حين ترأست جلسة حول التنمية وكان المتحدثون الشيخ صباح الناصر وكيل وزارة الدفاع السابق ووزير النفط السابق العميري، وأخيراً كان الفريق ضاحي الخلفان مدير شرطة دبي حيث دار الحديث عن التنمية، فتحدث الضيوف عن المعوقات، وأن الكويت تعاني سوء الإدارة والحسد حتى ضاق صدري بما سمعت، لكن هدأت أحوالي بعد أن علق أحد الحضور، وهو بالمناسبة من البحرين، قائلاً "إن في الكويت حرية لا يوجد لها مثيل في أي دولة أخرى وإنها سابقة لغيرها بعشرات السنين".

هذه الكلمات هي خلاصة الحديث، وهي ما جعل سقف الحديث عاليا، وذلك لأن الدستور الكويتي نص صراحة على أن حرية التعبير مكفولة، لكن هناك من يستغل هذه الكفالة ليرفع سقفها ويلوي معناها إلى قلة أدب.

الإصلاح في نظري المتواضع هو قول الحق في الوقت والمكان المناسبين، وعندما يفوت الوقت والمكان المناسبان فإن القول يصبح تكسباً وعبثاً وانحرافاً عن الهدف المنشود ودفناً للحقيقة، وهو ما يحدث على الساحة الكويتية للأسف الشديد.

نعم هناك أوجه قصور في الأداء الحكومي والمحسوبية و"الواسطة"، لا تكاد تخلو منها أي وزارة من وزارات الدولة، وحتى تلك التي تنتهج الإعلان عن الشواغر تجدها تتفوق على نفسها في إيصال من لا يستحق، فاللجان هي الأخرى تتفنن وتتلون كالحرباء لإرضاء أصحاب "الواسطة" لتضيع بعدها الحقوق.

خلاص الكويت من الفساد الإداري والمالي لن يتحقق برفع سقف المطالبات لكن باستخدام الحرية المسؤولة التي تبني ولا تهدم، والتي تمكن المواطن من أخذ حقوقه وفق معايير مدروسة على أساس المفاضلة بالكفاءة، ولا تفتح الباب أمام المحاصصة و"الواسطة" بكل أشكالها.

الشارع الكويتي لم يعد كما كان، والشباب هم من يتأثر بالأحداث وهم من يصطف لهذا الطرف أو ذاك، فلا ينسف عقلاؤنا حرية وديمقراطية يحسدنا عليها كل العرب إلا إذا كانت جزءاً من مخططهم!

نقاط أخيرة:

* من يعب الحرية في الكويت فهل يجرؤ على رفع عُشرها لو كان في غيرها؟

* استمرار الحكومة والمجلس في اللامبالاة والمماطلة والتعسف في حل قضية "البدون" لن يصب في خانة الاستقرار.

ودمتم سالمين.