بحماس شديد يولم المصريون هذا الشعار للرئيس القادم هكذا، وكأنهم أدمنوا الخروج لميدان التحرير وإسقاط الرئيس، لكن من يلومهم. فقد مرت سنة ونصف ومصر في حيص بيص يطبخهم الحر وألعاب الإخوان وتحرزات المجلس العسكري الذي يبدو بتقليعاته الدستورية وكأنه يُحجر لفأر يزوغ منه ذات اليمين وذات اليسار، هذا الفأر بلا شك هم الإخوان المسلمون الذين توسعت أطماعهم، فمن كعكة البرلمان، التي كانت آخر آمالهم، صاروا لا يقبلون بأقل من التكويش على كل مؤسسات الدولة. أطلق المصريون، الذين هددتهم نتائج انتخابات الحسم الأخيرة بوصول أحمد شفيق إلى منصب الرئاسة -وهو "فلول" بحسب وصفهم- نكتة تقول إن المصريين شعروا بأنهم أبهروا العالم عندما أسقطوا النظام، فقرروا أن يبهروه أكثر بإعادة النظام مرة أخرى. أما التنكيت على د. محمد مرسي فقد قالوا عنه إن المجلس العسكري أخذ منهم كل شيء وأعطاهم مرسي مرشح الإخوان. الذي قد يصبح وقت نشر المقال رئيساً لمصر، الله وحده يعلم. دون شك شعر المصريون بأنهم بين حجري رحى في أيامهم الماضية، فهم متأكدون أنهم لا يريدون أحمد شفيق مرشح يدعمه العسكر، وسليل النظام المصري القديم، ولم يكن حلمهم أن يحكمهم الإخوان. قال لي أحد المصريين إن كان الفائز هو أحمد شفيق فلنعد لمبارك أحسن مية مرة. أما الإخوان فإنهم مثلما اختطفوا الثورة فقد اختطفوا النتائج، فالبكاد أقفلت الصناديق حتى قفز المتحدث باسم حملة الإخوان منذ الرابعة فجراً يعلن الفوز، ويوزعون كتاباً مصوراً للنتائج في المساء. ومن بعد توزيع السكر والشاي والزيت لكسب الأصوات، علقوا مرة أخرى في فضيحة بطاقات مسودة لتزوير الأصوات، وقد يقول قائل إن الآخرين أيضاً يزورون، وهذا للأسف صحيح، لكن إذا زور الإخوان المسلمون أيضاً فهذه مصيبة المصائب، فالآخرون لا يخافون ربنا كما يشاع عنهم فما بال الإخوان -اللي بيخافوا ربنا- يزورون، إلا إن كان تزويراً، تحت بند إنما الأعمال بالنيات، حلال. المصريون مازالوا قادرين على إنتاج النكتة، وهذا خط دفاعهم النشط، بينما الإخوان المسلمون مازالوا قادرين على القفز على النتائج، ولهط المكاسب، وحين يصلون يتورطون لأنهم يبدون بلا خبرة ولا مهنية. خطابهم مرتفع الصوت تكسوه بلاغة قرآنية، وخال من الأخطاء النحوية، لكنه لا يقنع إلا البسطاء، مليء بالأخطاء السياسية والقانونية، فمرشح مصر للرئاسة الذي جاء عن طريق الانتخابات يتحدث عن البيعة لا عن القسم والالتزام بالدستور، وإن وصل فإن عليه أن يقابل العسكر، وكل منهما سينهش الآخر بلا قانون. الديمقراطيات العربية قسمت العراق وأهدته إلى إيران، وجاءت بزعماء الحرب القدماء أنفسهم في لبنان، وما ندري ما تفعل في مصر. مازلنا بانتظار حالة الإبهار المصرية التي تبالغ كثيراً كما في النكت... فمصر التي أبهرت العالم تصر على الإيغال في إبهارنا، وتهدد عبر شعار فليسقط الرئيس القادم.
أخر كلام
يسقط الرئيس القادم
23-06-2012