كم هو صعب أن تولد بعد أن تبدأ المشكلة وقبل أن توجد الحلول، وكم هو صعب أن تكون ما بين مطرقة الدولة التي تتهمك بأنك أتيت للكويت من أجل أن تكون جزءا من شعب الله المختار، وسندان التأكيدات التي تأتي من والديك بأنك كويتي ابن كويتي لكن الحظ السيئ وسوء التخطيط هو من جعلك "بدون"، فإما أن الدولة تعذب أبناءها وإما أن والديك يكذبان.

Ad

أن تكون من مواليد ما بعد الغزو العراقي، أي بعد فترة "الشخال" والتضييق التي عملتها الحكومات المتعاقبة وأنت لم تر أرضا غير الكويت، ولم تجرب غير مائها ولم يصهرك إلا حرها ولهيبها، ولا يتم الاعتراف بك يجعلك تتساءل: هل نحن من اخترنا عائلتنا وأقرباءنا أم أنه القدر الذي جعلنا كويتيين وغير كويتيين،

أغنياء وفقراء، أبناء قبائل أم أبناء عوائل، هو من جعلنا نكون من أصول عربية أو هندية أو فارسية أو إفريقية أو حتى أجنبية، نفتخر ونتعالى بشيء لم نختره ولم يكن لنا أي دور برسم صورته وبناء سمعته؟ ومن يختر أن تكون واجهته شيئا لم يختره، فهو بالتأكيد لم يجد من خياراته ما يستحق الذكر، ما لنا كيف نحكم؟ وما لنا كيف نقدر الأمور؟ ألم يعد في قلوبنا من رحمة وفي رؤوسنا عقل؟ حتى نعامل المتفوقين البدون كما تتم معاملتهم حاليا؟

في مقتبل العمر وتحت شمس كويتنا التي هي أحن عليها من قلوب الكثير من أبنائها، وقفت تلك الفتاة التي تحمل لقباً لا تملك أن تغيره ولم تختر أن تحمله فهي من "البدون"، وقفت مع منظمي الاعتصام السلمي بجامعة الكويت من مجموعة 29 لتشرح لهم خوفها من عدم حصولها على مقعد دراسي رغم حصولها على 92% في الثانوية العامة, ولم تستطع إيقاف تلك الدموع من الانهمار خوفاً من مستقبل مجهول، وحزنا على جهد قد يضيع، كم تتمنى الدول أن تملك هذه الموارد البشرية الجاهزة كي توظفها في خدمتها، فالتنمية في الإنسان تأتي قبل العمران، ولكن اعتدنا أن تغادرنا هذه الكفاءات لتعود بعد سنين طوال تحمل جنسية أحد البلدان الأوروبية ويدفع لها من قبل حكومة دولة الكويت، لتطوير وتدريب الكوادر الكويتية!!

ختاما، كل الشكر لمجموعة 29 والصديق والزميل عماد العلي على مبادرتهم الإنسانية بتكريم البدون، والشكر موصول أيضا لجميع المبادرات المستقلة الأخرى، والجهات التي تبنت المتفوقين البدون وتكفلت ببعثاتهم الدراسية، فأولى خطوات التطور أن يعي أعضاء المجتمع دورهم الإنساني، أما العنصريون فارحمونا يرحمكم الله.